(على كل مسلم صدقة) أي صدقات ليحمي مفاصله من النار. [يشير إلى روايتنا الثانية والعشرين].

قال القرطبي: أطلق الصدقة هنا وبينها في حديث آخر بكل يوم، فعند مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس".

(أرأيت إن لم يجد) أي أخبرني يا رسول الله إن لم يجد ما يتصدق به؟ وكأنهم فهموا أن الصدقة مقصورة على العطية، فبين لهم أن المراد بالصدقة ما هو أعم من ذلك ولو إغاثة الملهوف.

(يعتمل بيديه) في رواية البخاري [يعمل بيديه] والاعتمال افتعال فيه معنى التكليف والمشقة.

(أرأيت إن لم يستطع) أن يعمل بيديه؟

(يعين ذا الحاجة الملهوف) [الملهوف] بالنصب، لأنه صفة [ذا الحاجة] والملهوف يطلق على المتحسر والمضطر وعلى المظلوم. وقولهم: يا لهف نفسي على كذا. كلمة تحسر على ما فات، يقال: لهف بكسر الهاء يلهف بفتحها لهفاً بإسكانها أي حزن وتحسر.

(يمسك عن الشر فإنها صدقة) [فإنها] أي الفعلة التي هي الإمساك. وقيل: تأنيث الضمير باعتبار الخبر، وإنما كان الإمساك عن الشر صدقة مع أنه كف ومنع لأنه إذا أمسك شره عن غيره فكأنما تصدق عليه بتأمينه منه، وإذا أمسك شره عن نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم.

(تعدل بين الاثنين صدقة) أي تصلح بينهما بالعدل.

(وتعين الرجل في دابته) أي في نفع دابته وانتفاعه بها.

الرواية (23، 24، 25، 26، 27، 28)

(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان) "من" زائدة لتأكيد النفي، و"يوم" اسم "ما" وجملة "يصبح العباد فيه" صفة ليوم، وخبر "ما" والمستثنى منه محذوف للعلم به، والمعنى ليس يوم موصوف بهذا الوصف ينزل فيه أحد إلا ملكان يقولان كذا.

(اللهم أعط منفقاً خلفاً) بفتح اللام، أي عوضاً، يقال: أخلف الله عليك خلفاً، أي أبدلك عما ذهب منك عوضاً. والمراد الإنفاق في الطاعات ومكارم الأخلاق وعلى العيال والأهل ونحو ذلك في الحدود المشروعة بحيث لا يذم فاعله شرعاً.

(اللهم أعط ممسكاً تلفاً) المراد بالإمساك عدم الإنفاق المشروع، والتعبير بالإعطاء هنا من قبيل المشاكلة، لأن التلف ليس إعطاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015