(تصدقوا) أي عجلوا بالصدقة وبادروا بها، واغتنموا إمكان قبولها قبل أن يتعذر قبولها.

(فيوشك الرجل يمشي بصدقته ... فلا يجد من يقبلها) قال النووي: سبب عدم قبول الصدقات في آخر الزمان كثرة الأموال، وظهور كنوز الأرض، ووضع البركات فيها، وقرب الساعة، وعدم الرغبة في ادخار المال وكثرة الصدقات والمتصدقين.

(فيقول الذي أعطيها: لو جئتنا بالأمس قبلتها) المراد من "الذي أعطيها" الذي قصد إعطاؤه أي الذي عرضت عليه، والمراد بالأمس اليوم الذي مضى قبل وقوع الأحداث السابقة، وليس المراد اليوم الذي قبل يومك مباشرة.

(زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب لا يجد أحداً يأخذها منه) التعبير بالذهب للتنبيه على ما سواه، لأنه إذا كان الذهب لا يقبله أحد فكيف غيره؟ والتعبير بالطواف للإشارة للتردد على الناس. قال النووي: فتحصل من التعبير المبالغة في عدم قبول الصدقة بثلاثة أشياء: كونه يعرضها ويطوف بها وهي من ذهب.

(ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به) أي ينتمين إليه ليقوم بحوائجهن، ويدفع الشرور عنهن، كقبيلة بقي من رجالها واحد فقط وبقيت نساؤها، فيلذن بذلك الرجل ليذب عنهن؛ ويقوم بحوائجهن، ولا يطمع فيهن أحد بسببه. قاله النووي.

"ويرى" بضم الياء "والرجل" نائب فاعل، أي يراه الناس، والرؤية علمية أو بصرية. كما في ملحق الرواية "وترى الرجل" بفتح التاء، والفاعل ضمير المخاطب وهو لمن يتأتى خطابه في ذلك الزمان.

(من قلة الرجال وكثرة النساء) سبب ذلك الحروب التي تقع في آخر الزمان، كما جاء في الحديث بقوله: "ويكثر الهرج" أي القتل.

(وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً) المراد من أرض العرب الجزيرة العربية، وليس المراد أرض الجامعة العربية الحالية؟ وظاهر العبارة أن الجزيرة العربية كانت في يوم من الأيام مروجاً وأنهاراً، ثم أقفرت وستعود.

أما أنها كانت مروجاً وأنهاراً فيقول عن ذلك الدكتور أحمد فخري في كتابه "دراسات في تاريخ الشرق القديم": كانت الجزيرة العربية منطقة خضراء خصبة فيها المراعي والغابات، فأخذت تجف شيئاً فشيئاً، وأخذت الرياح الجنوبية الشديدة تغطي مراعيها.

على أن بلاد اليمن من الجزيرة العربية وكانت مروجاً وأنهاراً كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم {لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال} [سبأ: 15].

وأما أنها أقفرت فقد شاهدناها مقفرة كما كانت وقت ذكر هذا الحديث وأما أنها ستعود، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015