والراجح الأول، حيث جاء في رواية عن أنس: "فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى". وهذه الرواية تقتضي الجزم بكون الرجل واحداً. قال الحافظ ابن حجر: فلعل أنساً تذكره بعد أن نسيه، أو نسيه بعد أن كان تذكره.
(فاستقبله قائماً) "قائماً" حال من الفاعل أو من المفعول، وكل من الضمير المستتر والظاهر يصلح للرجل وللرسول صلى الله عليه وسلم، إذ كل منهما كان قائماً مستقبل الآخر.
(هلكت الأموال) بسبب استمرار المطر، أي إن كثرة الماء منع الرعي فهلكت المواشي.
(وانقطعت السبل) بسبب كثرة الماء، فتعذر سلوكها، وفي رواية ابن خزيمة: "احتبس الركبان". وفي رواية للبخاري: "تهدمت البيوت، وتقطعت السبل، وهلكت المواشي".
(فادع الله يمسكها) يجوز في "يمسكها" الجزم والرفع، كما سبق في "يغثنا". وفي رواية "أن يمسكها". والضمير يعود على الأمطار، أو على السحاب أو على السماء، والعرب تطلق على المطر سماء وفي رواية "أن يمسك عنا الماء" وفي أخرى "أن يرفعها عنا" وفي ثالثة "فادع ربك أن يحبسها عنا، فضحك" وفي رواية "فتبسم" صلى الله عليه وسلم.
(اللهم حولنا ولا علينا) في بعض النسخ "حوالينا" قال النووي: وهما صحيحان. اهـ.
وهو معمول لمحذوف، تقديره: اجعل أو أمطر، والمراد به صرف المطر عن الأبنية والدور.
وفائدة ذكر "ولا علينا" بعد ما قبله بيان المراد منه، إذ ما حولهم يشمل الطرق التي حولهم، فأراد إخراجها بقوله "ولا علينا". ذكره الحافظ ابن حجر.
(اللهم على الآكام) فيه تحديد المراد بقوله: "حوالينا ولا علينا" والإكام بكسر الهمزة، وتفتح وتمد "آكام" جمع أكمة، بفتح الهمزة والكاف والميم، وهي التراب المجتمع. وقيل: الهضبة الضخمة، وقيل: الجبل الصغير. وقيل: ما ارتفع من الأرض دون الجبل وأعلى من الرابية.
(والظراب) بكسر الظاء، واحدها "ظرب" بفتح الظاء وكسر الراء وهي الروابي الصغار.
(وبطون الأودية) أي منخفضات الأودية التي يتجمع فيها الماء لينتفع به.
(فانقلعت) وفي بعض النسخ "فانقطعت" أي السماء، أو السحابة الماطرة أي أمسكت عن المطر على المدينة، وفي الرواية العاشرة "فتقشعت" أي زالت، وفي الرواية الحادية عشرة "فرأيت السحاب يتمزق". وفي رواية للبخاري "فلقد رأيت السحاب ينقطع يميناً وشمالاً يمطرون -أي أهل النواحي- ولا يمطر أهل المدينة". وفي رواية له "فجعل السحاب يتصدع عن المدينة". وفي الرواية التاسعة "فما يشير بيده إلى ناحية إلا تفرجت" أي انقطعت السحابة وزالت.