(فادع الله يغثنا) بسكون الثاء مجزوم في جواب الأمر. وفي رواية البخاري "يغيثنا" بالرفع، أي فهو يغيثنا، وفي رواية له أيضاً "أن يغيثنا" ويجوز ضم الياء الأولى على أنه من الإغاثة ويجوز فتحها من الغيث. يقال: غاث وأغاث بمعنى. وقال ابن دريد: الأصل غاثه الله يغوثه غوثاً فأغيث، واستعمل أغاثه. اهـ.
(اللهم أغثنا) قالها ثلاثاً، وفي رواية للبخاري "اللهم اسقنا" كررها ثلاثاً.
(ولا -والله- ما نرى في السماء من سحاب) في رواية "فلا والله" وفي رواية "وأيم الله". والمراد نفي رؤية سحاب متجمع ممطر، لا مطلق سحاب ليصح عطف المغاير في قوله: "ولا قزعة".
(ولا قزعة) بفتح القاف والزاي، أي السحاب المتفرق. قال ابن سيده: القزع قطع من السحاب رقاق. زاد أبو عبيد: وأكثر ما يجيء في الخريف.
(وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار) "سلع" بفتح السين وسكون اللام جبل معروف بالمدينة، وحكى أنه بفتح اللام. أي نحن مشاهدون للجبل وللسماء، ولا يحجبهما عن رؤيتنا لهما بيت ولا دار، ولا نرى هناك سبباً ظاهراً للمطر أصلاً.
(فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس) أي مستديرة، ولم يرد أنها مثله في القدر، إذ جاء في رواية: "فنشأت سحابة مثل رجل الطائر وأنا أنظر إليها". قال الحافظ: فهذا يشعر بأنها كانت صغيرة.
(ثم أمطرت) قال النووي: هكذا هو في النسخ، وكذا جاء في البخاري "أمطرت" بالألف، وهو صحيح، يقال: مطرت وأمطرت لغتان في المطر: وقال بعض أهل اللغة: لا يقال: أمطرت بالألف إلا في العذاب، كقوله تعالى: {وأمطرنا عليهم حجارة} [الحجر: 74]. قال: والمشهور الأول، ولفظ "أمطرت" تطلق في الخير والشر.
(ما رأينا الشمس سبتاً) أي قطعة من الزمان، والسبت القطع، والتعبير كناية عن استمرار الغيم الماطر، وهذا في الغالب، وإلا فقد يستمر المطر والشمس بادية، وقد تحجب الشمس بغير مطر.
قيل: المراد به الأسبوع، من تسمية الشيء باسم بعضه، كما يقال: جمعة. وفي رواية: "فمطرنا من جمعة إلى جمعة". وفي رواية: "فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد ومن بعد الغد، والذي يليه حتى الجمعة الأخرى".
(ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة) أي التي كانت مقبلة، وظاهر التعبير أن هذا الرجل غير الرجل الأول، لأن النكرة إذا أعيدت نكرة كان الثاني غير الأول، فربما ظن أنس ذلك بعض الوقت، حيث سئل: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري، وربما كان التعبير من غير الغالب لأن هذه القاعدة غالبية.