الحديث في الرواية الخامسة: "ولا نداء ولا شيء". يتأول على أن المراد، لا أذان ولا إقامة ولا نداء في معناهما، ولا شيء من ذلك. قاله النووي. ونقل عن الشافعي أنه قال: واجب أن يأمر الإمام المؤذن أن يقول في الأعياد وما جمع الناس من الصلاة: الصلاة جامعة، أو الصلاة، فإن قال: هلموا إلى الصلاة، أو حي على الصلاة، أو قامت الصلاة، كرهنا له ذلك. اهـ.

وجمهور الفقهاء على أنه لا يقال أمام صلاة العيد شيء من الكلام أصلاً، وظاهر رواياتنا الخامسة تؤيدهم: "لا أذان ... ولا إقامة، ولا نداء ولا شيء". قال مالك في الموطأ: سمعت غير واحد من علمائنا يقول: لم يكن في الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا. اهـ.

واختلف في أول من أحدث الأذان لصلاة العيد، والصحيح أنه معاوية وتبعه عاملاه زياد بالبصرة، ومروان بالمدينة.

الثالثة: كونها في مصلى في الصحراء لا في المسجد، وظاهر من الروايات أن ذلك كان صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المواظبة منذ شرعت صلاة العيد في السنة الثانية من الهجرة حتى لقى الرفيق الأعلى، وكذا الخلفاء الراشدون بعده مع فضيلة مسجده صلى الله عليه وسلم، ولا خلاف في صحتها في المسجد وإنما الخلاف في المستحب أو الأفضل. وجمهور الفقهاء على استحبابها في صحراء قريبة، إلا بمكة، فتصلى بالمسجد الحرام، قيل: لسعته. وقيل: لفضل البقعة، ومشاهدة الكعبة. قال النووي: وعلى هذا عمل الناس في معظم الأمصار. اهـ والحنابلة على كراهة صلاة العيد بالجامع في غير مكة إلا لعذر كمطر ونحوه، لما روى أبو داود عن أبي هريرة قال: "أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد". قالوا: وإنما صلى أهل مكة في المسجد لسعته، وإنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحراء والمصلى لضيق المسجد، فدل على أن المسجد أفضل إذا اتسع. قاله النووي.

ومقتضى كلام الشافعي، أن العلة تدور على الضيق والسعة، لا لذات الخروج إلى الصحراء، لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع، فإذا حصل في المسجد مع أفضليته كان أولى.

الرابعة: أنه يشرع للعيد خطبة، وأن موقعها بعد الصلاة، وصريح الروايات أن الأمر كان على ذلك زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان. والرواية التاسعة تشير إلى أن أول من خطب للعيد قبل الصلاة مروان بن الحكم، حين كان والياً على المدينة من قبل معاوية، لكن روى ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم -كالعادة- فرأى ناساً لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، فلعل عثمان فعل ذلك أحياناً لمصلحة.

وروي أن عمر فعل ذلك، لكن هذه الرواية لم تصح، وروي أن أول من قدم الخطبة على الصلاة معاوية. وروي أنه زياد بالبصرة.

وجمع بأن أول من فعل ذلك معاوية وتابعه عاملاه زياد بالبصرة ومروان بالمدينة. وقد أوضحت بعض الروايات دافع الأمويين لتقديم الخطبة، وهو أن الناس في زمنهم كانوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015