ركعتين وتجوز فيهما". ثم توجه إلى الناس فقال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما".
رابعاً: المطلوب والمباح ساعة الخطبة:
ولسماع الخطبة آداب وحقوق، وأهمها الاستماع لها والإنصات وعدم التلهي بمس الحصا ونحوه، وعدم الانشغال عنها بأمور الدنيا.
وتتحدث رواياتنا التاسعة والعاشرة والحادية عشرة عن حادثة الانفضاض، وهي حادثة فريدة لم تتكرر، ونزل فيها قرآن يتلى، يوبخ فاعليها ويحذرهم، فيقول: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين} [الجمعة: 11].
وتتحدث الروايات الأولى والثانية والسادسة عشرة من الباب السابق -باب فضيلة يوم الجمعة- عن الاستماع والإنصات للخطبة، قال النووي: واختلف العلماء في الكلام أثناء الخطبة، هل هو حرام أو مكروه؟ وهما قولان للشافعي. قال القاضي: قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وعامة العلماء: يجب الإنصات للخطبة. وحكى عن النخعي والشعبي وبعض السلف أنه لا يجب إلا إذا تلى فيها القرآن. قال: واختلفوا فيمن لم يسمع الإمام هل يلزمه الإنصات كمن يسمعه؟ فقال الجمهور: يلزمه. وقال النخعي وأحمد وأحد قولى الشافعي: لا يلزمه. اهـ.
ونقل صاحب المغني الاتفاق على أن الكلام الذي يجوز في الصلاة يجوز في الخطبة، كتحذير الضرير من الوقوع في بئر. وقال الشافعي: وإذا خاف على أحدكم لم أر بأساً -إذا لم يفهم عنه بالإيماء- أن يتكلم. اهـ وذهب بعض الفقهاء إلى أن تحريم الكلام محله حال أركان الخطبة فإذا فرغ من الأركان أبيح الكلام. والجمهور على أن الكلام أثناء الجلوس بين الخطبتين لا يحرم، وكره عبث حال الخطبة لحديث: "ومن مس الحصا فقد لغا". ولأن العبث يمنع الخشوع. والله أعلم.
وتتحدث رواياتنا الخامسة والعشرون والسادسة والعشرون والسابعة والعشرون والثامنة والعشرون والتاسعة والعشرون والمتممة للثلاثين عن صلاة ركعتين قبل الجمعة.
قال الشافعي في الأم: إذا خرج الإمام وجلس على المنبر انقطع التنفل، وأما إذا دخل والإمام جالس على المنبر أو في أثناء الخطبة فيستحب له أن يصلي تحية المسجد ركعتين ويخففهما، ويكره تركهما للحديث الصحيح: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". وقال: إذا دخل والإمام في آخر الكلام ولا يمكنه صلاة ركعتين خفيفتين قبل دخول الإمام في الصلاة فلا عليه أن يصليهما، وأرى أن يأمره الإمام بصلاتهما ويزيد في كلامه ما يمكنه إكمالهما فيه، فإن لم يفعل كرهت ذلك له، ولا شيء عليه. اهـ.
وبهذا قال الإمام أحمد، وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا يصلي شيئاً.
وظاهر أحاديثنا دليل للشافعي وأحمد. قال النووي في شرحه للرواية الثالثة والعشرين وفيها: