(أ) سفر من لا تجب عليه الجمعة جائز بلا خلاف.
(ب) سفر من تجب عليه الجمعة بعد الزوال وبعد أن يؤديها جائز باتفاق.
(جـ) سفر من تجب عليه الجمعة ليلتها قبل طلوع فجرها جائز عند العلماء كافة إلا ما حكى عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا يسافر بعد دخول العشاء من يوم الخميس حتى يصلي الجمعة. وهذا مذهب باطل.
(د) سفر من تجب عليه الجمعة قبل الزوال أو بعده إذا تحقق أنه سيؤديها بعد الوصول أو في طريق السفر، جائز ولا كراهة إذا أداها بعد الوصول أو في الطريق.
(هـ) سفر من تجب عليه الجمعة بعد أذانها الثاني حرام باتفاق. قال ابن حزم: اتفقوا على أن السفر حرام على من تلزمه الجمعة إذا نودي لها، لوجوب حضورها عليه بالنداء. اهـ. وقيد هذا بعدم إدراكها في طريقه أو في محل وصوله، وبعدم خوف فوت رفقة يتضرر بالتخلف عنهم، فإن خاف فوت رفقة يتضرر بالتخلف عنهم في سفر طاعة أو سفر مباح جاز.
(و) سفر من تجب عليه الجمعة بعد الزوال وقبل أذانها الثاني مع عدم خوف فوت رفقة يتضرر بالتخلف عنهم في سفر مباح حرام عند الجمهور. قال به الشافعية ومالك وأحمد، وذلك لاستقرارها في ذمته بدخول أول وقتها، وهو الزوال، فلم يجز له تفويتها بالسفر، بخلاف غيرها من الصلوات لإمكان فعلها حال السفر. وقال أبو حنيفة: يجوز.
(ز) سفر من تجب عليه الجمعة بعد فجرها وقبل الزوال وفيه خلاف طويل. قيل: يحرم، لأنه وقت لوجوب التسبب، بدليل أن من كانت داره على بعد لزمه القصد قبل الزوال، ووجوب التسبب كوجوب الفعل، فإذا لم يجز السفر بعد وجوب الفعل لم يجز بعد وجوب التسبب. قاله الرافعي في المهذب.
وقيل: يجوز، لأن الجمعة لم تجب عليه بعد، لأنها لا تجب إلا بالزوال، فلا يحرم التفويت، كبيع المال قبل الحول، فلا تجب الزكاة ولا حرمة، ويقويه ما أخرجه أبو داود من أن ابن شهاب خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار، فقيل له في ذلك، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار. وقد حاول أصحاب هذا الرأي أن يستندوا إلى مسألة: "لا جمعة على مسافر". لكنه استناد خاطئ، لأن المراد بها من أبيح له السفر، أو من سافر قبل يوم الجمعة، وأحرى الآراء بالقبول أنه يكره، لحديث الدارقطني الذي ذكرناه أول المسألة. والله أعلم.
2 - البيع ساعة الجمعة: أما البيع [ومثله الشراء، لأنه إذا أمر بترك البيع فقد أمر بترك الشراء، ولأن المشتري والبائع يطلق عليهما البيعان] فهو بعد الأذان الثاني حرام لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [الجمعة: 9]. وجمهور العلماء على أن البيع والشراء حرام من حين النداء، وعلى أن المراد من النداء في الآية الأذان الذي بين يدي الخطيب، لأنه الأذان الأصلي الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال الطحاوي: هو المعتبر في وجوب السعي وحرمة البيع. اهـ.