الاضطجاع. اهـ. ويسن عند الاستلقاء أن يضع شيئًا تحت رأسه ليرتفع ويصير وجهه إلى القبلة لا إلى السماء.
هذا، والحديث الذي استدل به النووي على جواز التنفل مضطجعًا للقادر على القيام والقعود لا يصلح دليلاً له. لأنه في المعذور. واللَّه أعلم.
وأما عن صلاة الفرض قاعدًا فيقول النووي: وأما الفرض فإن الصلاة قاعدًا مع قدرته على القيام لا تصح، فلا يكون فيه ثواب، بل يأثم به، قال أصحابنا: وإن استحله كفر كما لو استحل الزنا والربا من المحرمات الشائعة التحريم، وإن صلى الفرض قاعدًا لعجزه عن القيام، أو مضطجعًا لعجزه عن القيام والقعود فثوابه كثوابه قائمًا لم ينقص باتفاق أصحابنا، وقد ثبت في البخاري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا" قال أصحابنا: ولا يشترط في العجز أن لا يتأتى القيام، ولا يكفي أدنى مشقة، بل المعتبر المشقة الظاهرة، فإذا خاف مشقة شديدة أو زيادة مرض، أو خاف راكب السفينة الغرق أو دوران الرأس صلى قاعدًا ولا إعادة.
وأما عن الوقوف في بعض الصلاة والقعود في بعضها فإنه إذا صلى ركعة في الفريضة قاعدًا لعذر ثم صح وزال العذر أو صلى في النافلة ركعة قاعدًا ثم وجد خفة تمم ما بقي من الركعات قائمًا بانيًا على ما قدم، خلافًا لمن شذ وقال: يستأنف الصلاة قائمًا. وأما من بدأ صلاة الفرض بركعة قائمًا ثم عجز عن القيام في الركعة الثانية أو بدأ النافلة بركعة قائمًا، ثم بدا له أن يتمم قاعدًا فإنه يجوز له ذلك ولا إشكال.
أما الإشكال ففي الوقوف بعد القعود أو القعود بعد الوقوف في الركعة الواحدة، فإن الرواية الأولى تقول فيها عائشة "فإذا صلى قائمًا ركع قائمًا، وإذا صلى قاعدًا ركع قاعدًا" والرواية الثالثة تقول "وكان إذا قرأ قائمًا ركع قائمًا وإذا قرأ قاعدًا ركع قاعدًا" والرواية الرابعة تقول "فإذا افتتح الصلاة قائمًا ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا" فهذه الروايات تمنع القعود بعد الوقوف والوقوف بعد القعود أثناء القراءة.
لكن الرواية الخامسة، وفيها "قرأ جالسًا حتى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن، ثم ركع" وقريب من هذا لفظ الروايتين السادسة والسابعة، وفي الرواية الثانية تقول عائشة "كان يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع قام فركع".
فهذه الروايات تجيز الوقوف بعد القراءة قاعدًا، سواء أتم القراءة قائمًا، أو قام للركوع من قعود وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وعامة العلماء وسواء في ذلك قام ثم قعد، أو قعد ثم قام. قال الحافظ ابن حجر: ومنعه بعض السلف عند عدم الضرورة لذلك، وهو غلط. ثم قال الحافظ: ويجمع بين الخبرين بأنه كان يفعل كلاً من ذلك بحسب النشاط وعدمه.
وأما كيف يركع ويسجد من صلى جالسًا أو مضطجعًا فيقول النووي: إذا صلى على هيئة من المذكورات وقدر على الركوع والسجود أتى بهما، وإلا أومأ إليهما، منحنيًا برأسه، وقرب جبهته من