الأرض بحسب الإمكان، ويكون السجود أخفض من الركوع، فإن عجز عن الإشارة بالرأس أومأ بطرفه، وهذا كله واجب، فإن عجز عن الإيماء بالطرف أجرى أفعال الصلاة على قلبه. قال أصحابنا: ومادام عاقلاً لا يسقط عنه فرض الصلاة، ولنا وجه أنه إذا عجز عن الإيماء بالرأس سقطت عنه الصلاة، وهو مذهب أبي حنيفة، وهذا شاذ مردود ومخالف لما عليه الأصحاب، وأما حكاية صاحب الوسيط عن أبي حنيفة أنه قال: تسقط الصلاة إذا عجز عن القعود فمنكرة مردودة، والمعروف عنه أنه إنما يسقطها العجز عن الإيماء بالرأس، وحكى أصحابنا هذا عن مالك أيضًا والمعروف عن مالك وأحمد كمذهبنا. اهـ.
وأما عن كيفية القعود البديل عن الوقوف في الفرض والنفل فيقول النووي: للشافعي قولان، أظهرهما يقعد مفترشًا، والثاني متربعًا، وقال بعض أصحابنا: ناصبًا ركبته اليمنى كالقارئ بين يدي المقرئ وكيف قعد جاز، لكن الخلاف في الأفضل. اهـ.
-[ويؤخذ من الأحاديث المذكورة فوق ما تقدم: ]-
1 - استدل بالرواية الخامسة والسادسة والسابعة على استحباب تطويل القيام والقراءة في النافلة، وأنه أفضل من تكثير الركعات في ذلك الزمان وقول عائشة في الرواية السادسة "فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية" دليل على أنه يقرأ فوق الثمانين، لأن البقية تطلق في الغالب على الأقل. وقال جماعة من العلماء: تكثير الركوع والسجود أفضل من تطويل القيام، لقوله صلى اللَّه عليه وسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وتوقف أحمد بن حنبل في المسألة، وقال بعضهم: أما في النهار فتكثير الركوع والسجود أفضل، وأما بالليل فتطويل القيام أفضل، وهذا الأخير حسن ويجمع بين الروايات. واللِّه أعلم.
2 - وفي الأحاديث إثبات مشروعية صلاة الليل، وسيأتي الكلام عليها في الباب التالي.
3 - يؤخذ من الروايتين العاشرة والحادية عشرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتكلف الشطط، بل كان يأتي من الأمور ما لا يشق عليه وهذا هو الإسلام السمح لا تزمت ولا تشدد ولا مغالاة.
4 - ومن الرواية الثانية عشرة يؤخذ استحباب الترتيل، وعدم الإسراع في القراءة.
5 - ومن الرواية الرابعة عشرة حرص الصحابة على الاقتداء والعمل بالسنة.
6 - وأن من اشتبه عليه أمر بادر بالسؤال عنه.
7 - وأنهم لم يكن يمنعهم الحياء في الدين أن يعترضوا على قوله صلى اللِّه عليه وسلم بفعله.
واللَّه أعلم