الخلاف في ركعتين قبل المغرب. قال النووي: في استحباب ركعتين قبل المغرب وجهان مشهوران، الصحيح منهما الاستحباب، لما رواه البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "صلوا قبل صلاة المغرب [ثلاثًا]. قال في الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة" كما روي عن أنس قال: كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل المغرب، قال الراوي: فقلت: أكان النبي صلى الله عليه وسلم صلاها؟ قال: "كان يرانا نصليها، فلم يأمرنا ولم ينهنا". فهذه الأحاديث صحيحة صريحة في استحبابها. اهـ

وذهب آخرون إلى عدم استحبابها، مستدلين بما رواه أبو داود عن ابن عمر قال: "ما رأيت أحداً يصلي الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" وإسناده حسن.

ومما يرجح الاستحباب لراتبة العصر وراتبة المغرب القبلية حديث "بين كل أذانين صلاة" أي بين كل أذان وإقامة راتبة. والله أعلم.

وأما راتبة العشاء فإن الرواية الرابعة والخامسة تذكران ركعتين بعد العشاء والخلاف في ركعتين قبل العشاء. قال النووي: يستحب أن يصلي قبل العشاء الآخرة ركعتين فصاعدًا، لحديث "بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة. قال في الثالثة: لمن يشاء" رواه البخاري ومسلم. اهـ.

وأما راتبة الجمعة فالرواية الرابعة تذكر ركعتين بعدها: قال النووي: يسن قبل الجمعة وبعدها صلاة، وأقلها ركعتان قبلها وركعتان بعدها، والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها. اهـ.

وقد تحصل من هذا أن الرواتب عند الصلوات الخمس مختلف في عددها قيل: عشر ركعات. وهي صريح الرواية الرابعة إذا أضفنا إليها ركعتي الفجر وقيل: ثنتا عشرة ركعة، وهي نص الرواية الأولى، وهي باستحباب أربع قبل الظهر بدل ركعتين، وقيل أدنى الكمال ثمان، فأسقط سنة العشاء.

قال صاحب المهذب: وأدنى الكمال عشر ركعات وأتم الكمال ثماني عشرة ركعة. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: وفي الأحاديث حجة لمن ذهب إلى أن للفرائض رواتب تستحب المواظبة عليها، وهو قول الجمهور، وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه لا توقيت في ذلك حماية للفرائض، لكن لا يمنع من تطوع بما شاء إذا أمن ذلك. اهـ.

وآكد السنن الراتبة مع الفرائض سنة الفجر، لأنه ورد فيها من الترغيب ما لم يرد في غيرها، ويقول صلى الله عليه وسلم "صلوها ولو طردتكم الخيل" ولأنها محصورة لا تحتمل الزيادة والنقصان، فأشبهت الفرائض، ثم إن فرض الصبح أقل الفروض عدداً فكانت كالمكملة.

ووقت الراتبة القبلية يدخل بدخول وقت الفرائض، ويبقى وقتها ما لم يخرج وقت الفريضة، لكن المستحب تقديمها على الفريضة، ويدخل وقت الرواتب البعدية بفعل الفريضة، ويبقى مادام وقت الفريضة، والصحيح عند الشافعية استحباب قضاء الرواتب، وبه قال أحمد في رواية عنه، وقال أبو حنيفة ومالك في أشهر الروايات عنه: لا تقضى. والرواتب التي مع الفرائض لا تستحب فيها الجماعة، وروي عن مالك أنه لا بأس بأن يؤم النفر في النافلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015