ويستحب عند الجمهور فعل السنن الراتبة في السفر. لكنها في الحضر آكد، ومذهب ابن عمر أنها لا تصلى في السفر، وقد روي في الصحيحين عن حفص بن عاصم قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلنا: يسبحون. فقال: لو كنت مسبحًا أتممت صلاتي، يا ابن أخي، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت عثمان رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] ودليل الجمهور الأحاديث الصحيحة الشائعة في باب استقبال القبلة، ومنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النوافل على راحلته في السفر حيث توجهت به".
والحكمة في الرواتب مع الفروض تكميل ما عساه قد يقع فيها من نقص ثبت ذلك في حديث لأبي داود، ولترتاض النفس بتقديم النافلة وتنشط بها وتستعد للفريضة بقلب وخشوع، ذكره النووي. وأزيد أن الله تعالى لما فرض الصلاة خمسين صلاة في اليوم والليلة وخففها إلى خمس فيها أجر الخمسين والحسنة بعشر أمثالها شرع للمسلم أن يتسابق إلى الخيرات وأن يزيد عما فرضه الله عليه شكرًا للَّه على رحمته به، واعترافًا بالفضل، ومقابلة التفضل بشيء من الإحسان.
واللَّه أعلم