(صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين) قال العيني: المراد من المعية هذه مجرد المتابعة في العدد، وهو أن ابن عمر صلى ركعتين وحده كما صلى صلى اللَّه عليه وسلم ركعتين، لا أنه اقتدى به فيهما. اهـ.
(فأما المغرب والعشاء والجمعة فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته) مقابل "أما" مطوي للعلم به من المقابل، أي وأما الظهر فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهذا التكرار في المعية والتفصيل يبعد ما ذهب إليه العيني، ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في بيته فإنه لا يمنع من أن يكون صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر وبعده في المسجد مرة وصلى معه ابن عمر، ولا مانع من أن يكون ابن عمر قد صلى ركعتي المغرب والعشاء والجمعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم مرة في بيته، ومعلوم أن ابن عمر كان شديد الحرص على الاقتداء، حتى كان يبرك ناقته في المكان الذي بركت فيه ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما يبعد ما ذهب إليه العيني ويقوي الاحتمال الذي ذكرته ما روى البخاري عن ابن عمر قال "حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر ... وركعتين قبل الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين".
-[فقه الحديث]-
ذكرنا في الباب السابق استحباب ركعتي سنة الفجر، ولا خلاف فيهما أما راتبة الظهر فإن الرواية الرابعة تذكر ركعتين بعدها، والرواية الخامسة تذكر أربعًا قبل الظهر وركعتين بعدها، وروى البخاري عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعًا قبل الظهر" وروى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم على النار" فهذه الروايات تحكي ثلاثة أقوال في راتبة الظهر، أربعًا وستًا وثمانيًا، والتوفيق بينها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الظهر ركعتين مرة وأربعًا مرة، وصلى قبل الظهر ركعتين مرة وأربعًا مرة فاختلاف الأحاديث في الأعداد محمول على تعدد الأحوال للتوسعة.
والأكثرون من أصحاب الشافعي على أن راتبة الظهر ركعتان قبلها وركعتان بعدها، ومنهم من جعل قبل الظهر أربعًا، ومن قال بأربع قبل الظهر اختلفوا في صلاتها بتسليمة واحدة أو بتسليمتين، فالحنفية على الأول والشافعي ومالك وأحمد على الثاني.
وأما راتبة العصر فلم تصرح بها رواياتنا، وقد روى أبو داود والترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رحم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا" وروى الترمذي من حديث علي رضي الله عنه قال: "كان يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين" والذي ترتاح إليه النفس أن أربعًا قبل العصر مستحبة وليست من الرواتب المؤكدة.
وأما راتبة المغرب فالرواية الرابعة والخامسة تذكران ركعتين بعدها، ولا خلاف فيهما، وإنما