منعك أن تصلي معنا؟ قال: أصابتني جنابة يا رسول الله، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فتيمم بالتراب، ثم صلى، ثم قال صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين ولعلي بن أبي طالب: اذهبا فابحثا عن ماء، فقد عطش القوم عطشًا شديدًا، فسارا بعيدًا فوجدا امرأة تركب على ناقة فوقها قربتان كبيرتان وقد سدلت ودلت رجليها. فقالا لها: أين الماء الذي ملأت منه؟ قالت: هيهات هيهات. إنه بعيد جدًا لا تصلان إليه، قالا لها: كم سرت حتى وصلت إلى الماء؟ قالت: يوم وليلة، قالا لها: انطلقي معنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ومن رسول الله؟ فلم يمهلاها ولم يتركا لها خيارًا أو رأيًا، بل اقتاداها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن أمرها: فأخبرته بمثل ما أخبرتهما به، وزادت في أن زوجها توفي، وأنها تربي أيتامًا صبية، وذلك لتستعطفه صلى الله عليه وسلم أن لا يؤذيها أو يغتصب ماءها، فأمر بناقتها فأنيخت، فأنزلاها، ثم فتح فم القربتين الأعلى. ثم دعا بإناء ففرغ فيه من أفواه القربتين، فتمضمض في الماء، ثم أعاده، إلى القربتين، ثم ربط فمهما، ثم بعث الناقة فوقفت، ثم فك رباط القربتين من أسفل ممسكًا على فتحة كل قربة ليؤخذ منها ثم تضغط، ونادى في الناس: اسقوا واستقوا. فشرب الناس وكانوا أربعين رجلاً عطاشًا، وملئوا كل قربة معهم وكل إناء وغسلوا صاحبهم الجنب، ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هاتوا فضل طعامكم.
فجمعوا كسرًا وتمرًا، وملئوا لها صرة، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبي فأطعمي هذا عيالك، واعلمي أننا لم نأخذ من مائك شيئًا، فانصرفت والقرب تكاد تنشق من امتلائها بالماء، فلما أتت أهلها قالت: لقد لقيت أكبر البشر سحرًا، أو هو النبي كما يزعمون، كان من أمره كيت وكيت، فأسلمت المرأة وأسلم أهلها وقبيلتها.
-[المباحث العربية]-
(حين قفل من غزوة خيبر) أي رجع من غزوة خيبر، والقفول الرجوع ويقال: غزوة وغزاة. قال النووي: وخيبر بالخاء هو الصواب، وكذا ضبطناه وكذا هو في أصول بلادنا من نسخ مسلم، قال الباجي وابن عبد البر وغيرهما هذا هو الصواب، قال القاضي عياض: هذا قول أهل السير، وهو الصحيح قال: وقال الأصيلي إنما هو حنين، بالحاء المهملة والنون. وهذا غريب ضعيف.
(سار ليله) أي سار معظم ليله، وإطلاق الشيء على أكثره شائع.
(حتى إذا أدركه الكرى) بفتح الكاف النعاس، وقيل: النوم. يقال منه: كرى الرجل - بفتح الكاف وكسر الراء - يكري، فهو كر، وامرأة كرية بتخفيف الياء.
(عرس) بتشديد الراء من التعريس، وهو نزول المسافرين آخر الليل للنوم والاستراحة، لا للإقامة، قال بعض أهل اللغة: أصله النزول آخر الليل، وقيل: هو النزول أي وقت كان من ليل أو نهار، وفي الحديث "معرسون في نحر الظهيرة" ذكره النووي.
(اكلأ لنا الفجر) ارقب لنا الفجر واحفظه واحرسه أن يفوتنا، ومصدره الكلاء بكسر الكاف واللام ممدودة آخره همزة، ذكره الجوهري.