(والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح) أرادت بذلك الاعتذار، أي لو كان فيها مصابيح لقبضت رجلي عند إرادته السجود، ولما أحوجته إلى غمزي.
(وعلى مرط) أي كساء.
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من مجموع هذه الأحاديث أحكام كثيرة، نحاول ضبطها فيما يلي: ]-
1 - مشروعية وضع المصلي سترة أمامه، قال النووي: السنة أن يكون بين يدي المصلي سترة من جدار، أو سارية، أو غيرهما. ونقل الإجماع فيه.
ثم قال: والحكمة في السترة كف البصر عما وراء الساتر [أي حبس نظر المصلي فإنه أمكن للخشوع] ومنع من يجتاز بقربه.
ثم قال: ولا خلاف أن السترة مشروعة إذا كان في موضع لا يأمن المرور بين يديه، واختلفوا إذا كان في وضع يأمن المرور بين يديه، وهما قولان في مذهب مالك، ومذهبنا أنها مشروعة مطلقًا لعموم الأحاديث.
2 - أن أقل السترة عصا مثل مؤخرة الرحل، وهي قدر عظم الذراع، ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه، وشرط مالك أن يكون في غلظ الرمح.
3 - ويؤخذ من الرواية الخامسة والعشرين جواز الستر بالسرير.
4 - ومن الرواية السابعة والثامنة صحة التستر بالحيوان، وجواز الصلاة بقرب البعير، بخلاف الصلاة في أعطان الإبل، أي موضع إقامتها، وكراهة الصلاة حينئذ عندها إما لشدة نتنها، وإما لأنهم كانوا يتبولون بينها مستترين بها، وإما لأنها في أعطانها لا تخلو من الحركة. وأما قول الشافعي في البويطي: لا يستتر بامرأة ولا دابة فمحمول على الاختيار، ووجود ساتر آخر غيرهما، وأما ما روي عن ابن عمر أنه كان يكره أن يصلي إلى بعير إلا وعليه رحل فالظاهر أن الحكمة في ذلك أنه في حالة شد الرحل عليه يكون أقرب إلى السكون من حالة تجريده.
5 - ومن ملحق الرواية التاسعة عشرة الصلاة عند الأسطوانة وجعلها سترة واستدل ابن بطال على صحة الصلاة إلى الأسطوانة بثبوت صلاته صلى الله عليه وسلم إلى الحربة، قال: وحيث صلى إلى الحربة كانت الصلاة إلى الأسطوانة أولى، لأنها أشد سترة، اهـ. قال النووي: لكن الأفضل أن يصمد إليها [أي لا يجعلها تلقاء وجهه] بل يجعلها عن يمينه أو شماله. ثم قال: وأما الصلاة بين الأساطين فلا كراهة فيها عندنا. واختلف قول مالك في كراهتها إذا لم يكن عذر، وسبب الكراهة عنده أنه يقطع الصف، ولأنه يصلي إلى غير جدار قريب. اهـ.