أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمَا مَنَعَا الْإِجَازَةَ وَالْمُنَاوَلَةَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُنَاوَلَةِ الْمُجَرَّدَةِ.
وَكَذَا فِي ذِكْرِ ابْنِ رَاهَوَيْهِ مَعَهُمْ بِمَا سَيَأْتِي فِي الْقِسْمِ الْخَامِسِ مِنِ احْتِجَاجِهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ بِحَدِيثٍ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ فِيهَا بِغَيْرِهِ، وَقَالَ لَهُ: هَذَا سَمَاعٌ، وَذَاكَ كِتَابٌ، يَعْنِي: فَهُوَ مُقَدَّمٌ، فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ» [بِإِرَادَةِ أَصْلِ الِاحْتِجَاجِ] .
وَلِأَجْلِ مَا نُسِبَ لِلْحَاكِمِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَقِبَ حِكَايَتِهِ الِاسْتِوَاءَ: وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الْمَحْكِيُّ عَنْهُمْ جَوَّزُوا الرِّوَايَةَ بِهَا، لَا أَنَّهُمْ نَزَّلُوهَا مَنْزِلَةَ السَّمَاعِ. وَنَحْوُهُ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ فِي الْحُكْمِ وَالْإِجْمَالِ، وَعَدَمَهَا فِي التَّفْصِيلِ وَالتَّحْقِيقِ، فَصَارَ الْخِلَافُ فِي الْحَقِيقَةِ لَفْظِيًّا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَقُولُ فِي الْعَرْضِ: قَرَأْتُ وَقُرِئَ، وَفِي الْمُنَاوَلَةِ يَتَدَيَّنُ بِهِ وَلَا يُحَدِّثُ بِهِ. وَهَذَا قَدْ لَا يُنَافِيهِ إِدْرَاجُ الْحَاكِمِ لَهُ فِيمَنْ يَرَاهَا دُونَ السَّمَاعِ، لَكِنْ قَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ قَالَ: لَقِيتُ الْأَوْزَاعِيَّ وَمَعِي كِتَابٌ كَتَبْتُهُ مِنْ حَدِيثِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو، هَذَا كِتَابٌ كَتَبْتُهُ مِنْ أَحَادِيثِكَ، فَقَالَ: هَاتِهِ، فَأَخَذَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَانْصَرَفْتُ أَنَا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ لَقِيَنِي بِهِ فَقَالَ: هَذَا كِتَابُكَ قَدْ عَرَضْتُهُ وَصَحَّحْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو، فَأَرْوِيهِ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَذْهَبُ فَأَقُولُ: أَخْبَرَنِي