(الْمَدْخَلِ) ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يُوسُفَ: 81] فَقَدْ حُكِيَ أَيْضًا فِيهَا الْجَوَازُ عَنْ مَالِكٍ، بَلْ وَعَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا، وَيَدْفَعُهَا إِلَى ابْنِ عَمِّهِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَيَقُولُ: اشْهَدْ عَلَى مَا فِيهَا، وَبِهَا اسْتَدَلَّ ابْنُ شِهَابٍ، حَيْثُ قِيلَ لَهُ فِي جَوَازِ الْمُنَاوَلَةِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ الرَّجُلَ يَشْهَدُ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَلَا يَفْتَحُهَا؟ فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ بِهِ.
وَأَمَّا النِّزَاعُ مَعَهُ فِي إِدْرَاجِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُجِيزِينَ بِأَنَّ صَاحِبَ الْقِنْيَةِ حُكِيَ عَنْهُ وَعَنْ صَاحِبِهِ مُحَمَّدٍ فِي إِعْطَاءِ الشَّيْخِ الْكِتَابَ لِلطَّالِبِ وَإِجَازَتِهِ لَهُ بِهِ - عَدَمَ الْجَوَازِ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، فَفِيهِ نَظَرٌ ; إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا إِنَّمَا مَنَعَا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدَ شَيْئَيْنِ ; إِمَّا السَّمَاعُ أَوْ مَعْرِفَةُ الطَّالِبِ، بِمَا فِي الْكِتَابِ ; أَيْ: بِصِحَّتِهِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّلِ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مِنْ بُطْلَانِ الْإِجَازَةِ ; لِجَوَازِ اخْتِصَاصِهِ بِالْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ، أَفَادَ حَاصِلَهُ الْمُؤَلِّفُ.
وَمَا حَكَاهُ أَبُو سُفْيَانَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ الرَّازِيُّ، عَنْ إِمَامِهِ وَصَاحِبِهِ