فالجواب: أن يقال أما ما جاء في الأحاديث التي تقدم ذكرها فهي نصوص لا تحتمل التأويل وليس في معناها اختلاف بين أهل السنة والجماعة، وأما ما جاء في الآية الكريمة فهو مجمل. وقد اختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبت على ثمانية أقوال ذكرها ابن الجوزي في تفسيره وذكرها غيره من المفسرين، أحدها أنه عام في الرزق والأجل والسعادة والشقاوة وهذا مذهب عمر وابن مسعود رضي الله عنهما وأبي وائل والضحاك وابن جريج.

والثاني أنه الناسخ والمنسوخ فيمحو المنسوخ ويثبت الناسخ، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه قال سعيد بن جبير وقتادة والقرظي وابن زيد، وقال ابن قتيبة (يمحو الله ما يشاء) أي: ينسخ من القرآن ما يشاء (ويثبت) أي: يدعه ثابتا لا ينسخه وهو المحكم.

والثالث: أنه يمحو ما يشاء ويثبت إلا الشقاوة والسعادة والحياة والموت رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، ودليل هذا القول ما رواه مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مضت على النطفة خمس وأربعون ليلة يقول الملك الموكل أذكر أم أنثى؟، فيقضي الله تعالى ويكتب الملك فيقول أشقي أم سعيد؟ فيقضي الله ويكتب الملك فيقول عمله وأجله، فيقضي الله يكتب الملك ثم تطوى الصحيفة فلا يراد فيها ولا ينقص منها».

والرابع يمحو ما يشاء ويثبت إلا الشقاوة والسعادة لا يغيران قاله مجاهد.

والخامس يمحو من جاء أجله ويثبت من لم يجئ أجله قاله الحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015