وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في القبضتين: «هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه» قال: فتفرق الناس وهم لا يختلفون في القدر، رواه البزار والطبراني في الصغير قال الهيثمي: ورجال البزار رجال الصحيح.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت: يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه قال: «أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي ومسلم وأهل السنن إلا الترمذي.
وهذه الأحاديث تؤيد حديث ابن مسعود الذي تقدم ذكره وتدل على إثبات القدر السابق، وفي بعضها أن الله تعالى ميز بين السعداء والأشقياء من حين خلق آدم، وهذا مما يجب الإيمان به.
وكثير من العصريين ينكرون هذا ويكذبون بالأحاديث الواردة فيه وما ذاك إلا لجهلهم بالكتاب والسنة وإعراضهم عن الأخذ منهما. وقد قال الله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
فإن قيل فما الجمع بين ما تقدم ذكره من الأحاديث التي فيها النص على فراغ الرب تبارك وتعالى من أمر العباد وإن كلا ميسر لما خلق له وبين قول الله تعالى: ... {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}.