جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطائفة المنصورة، منها: قوله: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك).
وقال في حديث آخر: (لا تزال طائفة قائمة بأمر الله حتى يأتي أمر الله).
ولا تناقض بين هذه الأحاديث وكلها صحيحة.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة)، فذكر هنا أن نزول المسيح عيسى بن مريم إحدى علامات الساعة الكبرى، وذلك حين يخرج المسيح الدجال على الناس، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم ينزل المسيح عيسى بن مريم، ويقتل المسيح الدجال، فإذا قتله عم العدل في الدنيا؛ فلا يقبل الجزية، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، ولا يكون في الأرض إلا قول لا إله إلا الله).
ويكون هذا في فترة المسيح عليه الصلاة والسلام ثم يمكث المسيح سنوات، ثم يقبضه الله سبحانه وتعالى، فإذا مات المسيح عليه الصلاة والسلام رجع الناس مرة ثانية إلى الفساد، وإلى العبث وإلى الشرك بالله سبحانه وتعالى.
فإذا استمر الأمر على ذلك حصل الهرج ونزع منهم القرآن، ونزع منهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يكون فيهم إلا القلة من المؤمنين، فيرسل الله عز وجل ريحاً تقبض هؤلاء المؤمنين، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحداً في قلبه مثقال حبة أو مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته).
فجملة الأحاديث تبين أنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين: إما بالسيف والسنان وبالجهاد في سبيل الله عز وجل، أو بالحجة والبيان؛ حتى يأتي أمر الله، فيرسل ريحاً طيبة تقبض هؤلاء المؤمنين فلا يكون في الأرض من يعرف الله تبارك وتعالى؛ فيرجعون مرة ثانية إلى عبادة الأوثان.
ولذلك جاء في حديث أبي هريرة في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة) وهو وثن من الأوثان في قبيلة دوس كانوا يعبدونه في الجاهلية، ومعنى ذلك أن عبادة الأوثان سترجع مرة أخرى.
فإذا ملأ الفساد الأرض كان ذلك علامة للساعة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (أن علامات الساعة الكبرى كسلك انقطع فانتثرت منه خرزاته)، ويعني ذلك توالي ظهور العلامات الكبرى والتي منها: طلوع الشمس من مغربها، وخروج المسيح الدجال، ونزول المسيح عيسى بن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، والخسوفات الثلاثة: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان، وخروج الدابة التي تكلم الناس) فتظهر هذه العلامات متتابعة ثم تكون الساعة بعد ذلك.