قوله: "وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة " 1.

هذا الحديث رواه الترمذي والحاكم. وحسنه الترمذي. وأخرجه الطبراني والحاكم عن عبد الله بن مغفل. وأخرجه ابن عدي عن أبي هريرة، والطبراني عن عمار بن ياسر.

قوله: " إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ". أي يصب عليه البلاء والمصائب لما فرط من الذنوب منه، فيخرج منها وليس عليه ذنب يوافي به يوم القيامة.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: المصائب نعمة؛ لأنها مكفرات للذنوب، وتدعو إلى الصبر فيثاب عليها. وتقتضي الإنابة إلى الله والذل له; والإعراض عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة. فنفس البلاء يكفر الله به الذنوب والخطايا وهذا من أعظم النعم. فالمصائب رحمة ونعمة في حق عموم الخلق، إلا أن يدخل صاحبها بسببها في معاصي أعظم مما كان قبل ذلك، فيكون شرا عليه من جهة ما أصابه في دينه، فإن من الناس من إذا ابتلي بفقر أو مرض أو وجع، حصل له من النفاق والجزع ومرض القلب والكفر الظاهر، وترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات ما يوجب له الضرر في دينه، فهذا كانت العافية خيرا له من جهة ما أورثته المصيبة لا من جهة نفس المصيبة، كما أن من أوجبت له المصيبة صبرا وطاعة، كانت في حقه نعمة دينية، فهي بعينها فعل الرب عز وجل ورحمة للخلق، والله تعالى محمود عليها، فمن ابتلي فرزق الصبر كان الصبر عليه نعمة في دينه، وحصل له بعد ما كفر من خطاياه رحمة، وحصل له بثنائه على ربه صلاة ربه عليه، قال تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} 2. وحصل له غفران السيئات ورفع الدرجات. فمن قام بالصبر الواجب حصل له ذلك. انتهى ملخصا.

وقال صلى الله عليه وسلم: " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء،

قوله: "وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه" أي أخر عنه العقوبة بذنبه. "حتى يوافي به يوم القيامة" وهو بضم الياء وكسر الفاء منصوبا بحتى مبنيا للفاعل.

قال العزيزي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015