أي لا يجازيه بذنبه في الدنيا حتى يجيء في الآخرة مستوفر الذنوب وافيها، فيستوفي ما يستحقه من العقاب. وهذه الجملة هي آخر الحديث. فأما قوله: " وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء " إلى آخره"، فهو أول حديث آخر، لكن لما رواهما الترمذي بإسناد واحد وصحابي واحد جعلهما المصنف كالحديث الواحد.
وفيه التنبيه على حسن الرجاء وحسن الظن بالله فيما يقضيه لك، كما قال تعالى: " {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 1.
قوله: "وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط ". حسنه الترمذي".
قال الترمذي: حدثنا قتيبة ثنا الليث عن يزيد ابن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس، فذكر الحديث السابق ثم قال: وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن عظم الجزاء " الحديث. ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. ورواه ابن ماجه.
وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم. فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط " 2. حسنه الترمذي.
وروى الإمام أحمد عن محمود بن لبيد رفعه: " إذا أحب الله قوما ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع " 3 قال المنذري: رواته ثقات. قوله: "إن عظم الجزاء" بكسر العين وفتح الظاء فيها. ويجوز ضمها مع سكون الظاء أي من كان ابتلاؤه أعظم كمية وكيفية. وقد يحتج بهذا الحديث من يقول: إن المصائب يثاب عليها مع تكفير الخطايا. ورجح ابن القيم أن ثوابها تكفير الخطايا فقط، إلا إذا كانت سببا لعمل صالح، كالصبر والرضا والتوبة والاستغفار، فإنه حينئذ يثاب على ما تولد منها، وعلى هذا يقال في معنى الحديث: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء إذا صبر واحتسب.
قوله: "وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم" ولهذا ورد في حديث سعد " سئل صلى الله عليه وسلم أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل; يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر