الجملة الثانية على مثل لفظ الأولى, وهي تخالفها في المعنى, لأن ذلك أخف على اللسان, وأخصر من اختلافهما, وهذا كثير شائع في القرآن الكريم, فمن ذلك قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم, فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} معناه فعاقبوه على اعتدائه, والثاني ليس اعتداء في الحقيقة, بل هو عدل فسمي اعتداء للازدواج والتوفيق بين اللفظين, وقوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} والسيئة الثانية ليست بسيئة في الحقيقة, لأن المجازي بمثل ما فعل به ليس بمسيء ومن ذلك قوله تعالى: {قالوا: إنما نحن مستهزئون، الله يستهزيء بهم} وقوله تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله, وهو خادعهم} وقوله تعالى: {ومكروا ومكر الله, والله خير الماكرين} سمي جزاء الاستهزاء والخداع والمكر استهزاءً وخداعًا ومكرًا لما ذكرنا -وقوله تعالى: {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} -. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (فإن الله لا يمل حتى تملوا) فمعناه فإن الله تعالى لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا من مسألته, وتزهدوا فيها, لأن الله لا يمل في الحقيقة, وإنما نسب الملل إليه لازدواج اللفظين, وهذا يسمى في علم البديع مشاكلة.
الإعراب. ألا: حرف تنبيه واستفتاح يسترعي انتباه المخاطب لما يأتي بعده من كلام. لا: ناهية جازمة. يجهلن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة, وهو في محل جزم بلا الناهية. أحد: فاعل. علينا: جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. الفاء: الفاء السببية. نجهل: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء السببية, والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن, وأن المضمرة والفعل نجهل في تأويل مصدر معطوف بفاء السببية على مصدر متصيد من الفعل السابق, والمعنى لا يكن جهل من أحد فجهل منا. فوق: ظرف مكان متعلق بالفعل قبله, وفوق مضاف وجهل مضاف إليه، وجهل مضاف والجاهلينا مضاف إليه مجرور, وعلامة جره الياء نيابة عن