فأعجبته، فقال لها: يا جارية ما ثمانية وأربعة واثنتان؟ فقالت: أما ثمانية فأطباء الكلبة، وأما أربعة فأخلاف الناقة، وأما اثنتان فثديا المرأة؟ فخطبها إلى أبيها فزوجه إياها، وشرطت عليه أن تسأله ليلة بنائه بها عن ثلاث خصال، فجعل لها ذلك على أن يسوق لها من المهر مائة من الإبل، وعشرة أعبد، وعشر وصائف، وثلاثة أفراس، ففعل ذلك، ثم إنه بعث عبدًا له إلى المرأة، وأهدى إليها نحيًا من سمن ونحيًا من عسل، وحلة من عصب (ضرب من البرود) فنزل العبد ببعض المياه، فنشر الحلة ولبسها فتعلقت بعشرة فانشقت، وفتح النحيين فأطعم أهل الماء منهما، فنقصا، ثم قدم على حي المرأة وهو غياب، فسألها عن أبيها وأمها وأخيها، ودفع إليها هديتها.

فقالت له: أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرب بعيدًا ويبعد قريبًا، وأن أمي ذهبت تشق النفس نفسين، وأن أخي يراعي الشمس، وأن سماءكم انشقت، وأن وعائيكما نضبا، فقدم الغلام على مولاه، فأخبره فقال: أما قولها: إن أبي ذهب يقرب بعيدًا، ويبعد قريبًا، فإن أباها ذهب يحالف قومًا على قومه، وأما قولها: ذهبت أمي تشق النفس نفسين، فإن أمها ذهبت تقبل امرأة نفساء، وأما قولها: إن أخي يراعي الشمس، فإن أخاها في سرح له، وفهم الأخريين، فسأل العبد فاعترف بما كان منه.

وكان أمرؤ القيس مفركًا لا تحبه النساء، ولا تكاد امرأة تصبر معه، فتزوج امرأة من طيء تسمى أم جندب، فابتنى بها، فأبغضته من ليلتها، وكرهت مكانها معه، فجعلت تقول: يا خير الفتيان أصبحت، فيرفع رأسه، فينظر فإذا الليل كما هو، فتقول: أصبح ليل، فلما أصبح قال لها: قد علمت ما صنعت الليلة، وقد علمت أن ما صنعت من كراهية مكاني في نفسك، فما الذي كرهت مني؟ فقالت: ما كرهتك، فلم يزل حتى قالت: كرهتك لأنك ثقيل الصدر خفيف العجز، بطيء الإفاقة سريع الإراقة، وذهب قولها (أصبح ليل) مثلًا يضرب في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015