القرآنية، مثل قوله تعالى: {والضحى} [الضحى: 1] {والسماء والطارق} [الطارق: 1] ونحو ذلك، فإن التقدير: ورب الضحى، ورب السماء .. الخ، الدليل على ذلك التصريح به في قوله تعالى: {فورب السماء والأرض} [الذاريات: 23]، وحذف المقسم به ظاهر في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيا} [مريم: 71]، وأظهر منه في قوله تعالى: {وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم} [المائدة: 73]، فالواو في الآيتين حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف بلا ريب.
وأما (كلا) فلم أرها إلا في البيت رقم -65 - من معلقة الأعشى، وإني أنقل لك القول فيها بحروفه من مغني اللبيب لابن هشام طيب الله ثراه، لتكون على بصيرة من أمرك، قال رحمه الله تعالى: وهي عند سيبويه والخليل والمبرد والزجاج، وأكثر البصريين حرف معناه الردع والزجر، لا معنى لها عندهم إلا ذلك، حتى إنهم يجيزون الوقف عليها، والابتداء بما بعدها، وحتى قال بعضهم: متى سمعت (كلا) في سورة فاحكم بأنها مكية، لأن فيها معنى التهديد والوعيد، وأكثر ما نزل ذلك بمكة، لأن أكثر العتو كان فيها، وفيه نظر، لأن لزوم المكية إنما يكون عن اختصاص العتو بها، لا عن غلبته، ثم لا تمتنع الإشارة إلى عتو سابق، ثم لا يظهر معنى الزجر في كلا المسبوقة بنحو قوله تعالى: {في أي صورةٍ ما شاء ركبك كلا} [الانفطار: 8] وقوله جل شأنه {يوم يقوم الناس لرب العالمين كلا} [المطففين: 6] وقوله جل ذكره: {ثم إن علينا بيانه كلا بل تحبون العاجلة} [القيامة: 19 - 20].
وقولهم: المعنى انته عن ترك الإيمان بالتصوير في أي صورة ما شاء الله، وبالبعث وعن العجلة بالقرآن تعسف، إذ لم يتقدم في الأوليين حكاية نفي ذلك عن أحد، ولطول الفصل في الثالثة بين (كلا) وذكر العجلة، وأيضًا