وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْوَقْتِ فَرْضٌ بِالنُّصُوصِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إلَّا فِيمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ، وَهُوَ الْجَمْعُ بِالْجَمَاعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَالتَّقْدِيمُ لِصِيَانَةِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ عَلَيْهِمْ الِاجْتِمَاعُ لِلْعَصْرِ بَعْدَمَا تَفَرَّقُوا فِي الْمَوْقِفِ لَا لِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْنَا: الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ بِأَذَانٍ تُرِكَ فِيمَا إذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ فَعِنْدَ عَدَمِهِ يَعُودُ الْأَصْلُ
(قَوْلُهُ فُرِضَ بِالنُّصُوصِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] أَيْ فَرْضًا مُوَقَّتًا وَفِي حَدِيثِ «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» (قَوْلُهُ وَالتَّقْدِيمُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى تَعْلِيلِ الْجَمْعِ الْوَارِدِ بِأَنَّهُ لِصِيَانَةِ الْجَمَاعَةِ إبْطَالًا لِتَعْلِيلِهِمَا، بَلْ يَكْفِي فِي بَيَانِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ فِي غَيْرِ مَوْرِدٍ مِنْ حَالَةِ الِانْفِرَادِ بَيَانُ ثُبُوتِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، ثُمَّ إنَّهُ يَتَرَاءَى أَنَّ مَا أَبْدَاهُ سَبَبًا لِلْجَمْعِ مُنَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ آنِفًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِهَذَا: أَيْ لِتَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْوُقُوفِ قُدِّمَ الْعَصْرُ عَلَى وَقْتِهِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذَلِكَ خَرَجَ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا قَوْلِهِ ثُمَّ مَا عَيَّنَهُ أَوْلَى لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ: أَيْ بَيْنَ الْوُقُوفِ وَالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ حَالَ كَوْنِهِ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ حَالَ كَوْنِهِ