يُشْبِهُ الصَّلَاةَ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ. وَالصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَكَذَا الطَّوَافُ» إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْعَى عَقِيبَ هَذِهِ الْأَطْوِفَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ السَّعْيَ لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا مَرَّةً. وَالتَّنَفُّلُ بِالسَّعْيِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ. وَيُصَلِّي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ، وَهِيَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الشَّرْعِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ قَطْعِ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَإِبْدَالِهَا بِغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ مِثْلُهَا. فَضْلًا عَمَّا هُوَ أَخَفُّ مِنْهَا، بَلْ يَسْتَمِرُّ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ حَتَّى يُنْهِيَهُ، وَإِذَا كَانَ الْفَسْخُ يُنَافِي هَذَا مَعَ كَوْنِ الْمُثِيرِ لَهُ سَبَبًا لَمْ يَسْتَمِرَّ وَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ بِرَفْعِهِ مَعَ ارْتِفَاعِهِ.

ثُمَّ بَعْدَ هَذَا رَأَيْت التَّصْرِيحَ فِي حَدِيثِ سُرَاقَةَ بِكَوْنِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ الْعُمْرَةَ لَا الْفَسْخَ فِي كِتَابِ الْآثَارِ فِي بَابِ التَّصْدِيقِ بِالْقَدَرِ.

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَأَلَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ عُمْرَتِنَا هَذِهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: لِلْأَبَدِ» ، فَقَالَ: أَخْبِرْنَا عَنْ دِينِنَا هَذَا كَأَنَّمَا خُلِقْنَا لَهُ فِي أَيِّ شَيْءٍ الْعَمَلُ، فِي شَيْءٍ قَدْ جَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَثَبَتَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَمْ فِي شَيْءٍ يُسْتَأْنَفُ لَهُ الْعَمَلُ؟ قَالَ: فِي شَيْءٍ جَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَثَبَتَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ، فَقَوْلُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عِنْدِي أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا إلَخْ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ مَضْمُونَهَا لَا يَزِيدُ عَلَى أَمْرِهِمْ بِالْفَسْخِ وَالْعَزْمِ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَغَضَبُهُ عَلَى مَنْ تَرَدَّدَ اسْتِشْفَاقٌ لِاسْتِحْكَامِ نُفْرَتِهِمْ مِنْ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي عَارَضْنَا بِهِ يُفِيدُ خِلَافَهُ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ شُرِعَ فِي عُمُومِ الزَّمَانِ ذَلِكَ الْفَسْخُ أَوَّلًا، وَشَيْءٌ مِنْهَا لَا يَمَسُّهُ سِوَى حَدِيثِ سُرَاقَةَ بِتِلْكَ الرَّاوِيَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمُرَادَ وَبِهِ وَأَثْبَتْنَاهُ مَرْوِيًّا، وَثَبَتَ أَنَّهُ حُكْمٌ كَانَ لِقَصْدِ تَقْرِيرِ الشَّرْعِ الْمُسْتَحْكِمِ فِي نُفُوسِهِمْ ضِدُّهُ.

وَكَذَا إعَادَةُ الشَّارِعِ إذَا أَوْرَدَ حُكْمًا يُسْتَعْظَمُ لِأَحْكَامِ ضِدِّهِ الْمَنْسُوخِ فِي شَرِيعَتِنَا يُرَدُّ بِأَقْصَى الْمُبَالَغَاتِ لِيُفِيدَ اسْتِئْصَالَ ذَلِكَ التَّمَكُّنِ الْمَرْفُوضِ كَمَا فِي الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ لِمَا كَانَ الْمُتَمَكِّنُ عِنْدَ هُمْ مُخَالَطَتَهَا. وَعَدَّهَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى انْتَهَوْا فَنُسِخَ، فَكَذَا هَذَا لِمَا اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عِنْدَ هُمْ وَانْقَشَعَ غَمَامُ مَا كَانَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ مَنْعِهِ.

رَجَعَ الْفَسْخُ وَصَارَ الثَّابِتُ مُجَرَّدَ جَوَازٍ لِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ (قَوْلُهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» ) إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ، هَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، أَمَّا الْمَرْفُوعُ فَمِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ، وَمِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ مَرْفُوعًا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، أَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ.

وَمِنْ رِوَايَةِ الْبَاغَنْدِيِّ يَبْلُغُ بِهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: وَلَمْ يَصْنَعْ الْبَاغَنْدِيُّ شَيْئًا فِي رَفْعِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ مَوْقُوفًا وَبِهَذَا عُرِفَ وَقْفُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَطَاء بْنَ السَّائِبِ مِنْ الثِّقَاتِ غَيْرَ أَنَّهُ اخْتَلَطَ، فَمَنْ رَوَى عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ فَحَدِيثُهُ حُجَّةٌ، قِيلَ: وَجَمِيعُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ رَوَى بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ إلَّا شُعْبَةَ وَسُفْيَانُ. وَهَذَا مِنْ حَدِيث سُفْيَانَ عَنْهُ.

وَأَيْضًا فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى رَفْعِهِ مَنْ سَمِعْت فَيَقْوَى ظَنُّ رَفْعِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْهُ. وَأَسْنَدَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا أَعْلَمُهُ إلَّا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015