ِ الْوَلَاءُ نَوْعَانِ: وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَيُسَمَّى وَلَاءَ نِعْمَةٍ.
وَسَبَبُهُ الْعِتْقُ عَلَى مُلْكِهِ فِي الصَّحِيحِ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ قَرِيبُهُ عَلَيْهِ بِالْوِرَاثَةِ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ. وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ، وَسَبَبُهُ الْعَقْدُ وَلِهَذَا يُقَالُ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ، وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَيُسَمَّى وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ بِهِ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَهُوَ الْإِرْثُ يَقْرُبُ وَيَحْصُلُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَقِيلَ الْوَلَاءُ وَالْوَلَايَةُ بِالْفَتْحِ النُّصْرَةُ وَالْمَحَبَّةُ، إلَّا أَنَّهُ اخْتَصَّ فِي الشَّرْعِ بِوَلَاءِ الْعِتْقِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ.
فَالْوَلَاءُ شَرْعًا عِبَارَةٌ عَنْ التَّنَاصُرِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ بِعَقْدِ الْمُوَالَاةِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمَطْلُوبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّنَاصُرُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ
أَقُولُ: فِيهِ فُتُورٌ.
أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْوَلِيَّ صِفَةُ الثَّانِي مِنْ الْمُتَقَارِبَيْنِ كَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ قَوْلُهُ وَحُصُولُ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَهُوَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ صِفَةُ حُكْمِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ لَا صِفَةُ أَنْفُسِهِمَا فَكَيْفَ نُحْسِنُ تَسْمِيَتَهُمَا بِمَا لَا يَقُومُ مَعْنَى مَأْخَذِ اشْتِقَاقِهِ بِهِمَا بَلْ بِمَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُمَا وَهُوَ حُكْمُهُمَا.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّنَاصُرُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ التَّنَاصُرِ غَيْرَهُمَا لِأَنْفُسِهِمَا، إذْ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ نَفْسَهُ بَلْ يَكُونُ أَمْرًا مُغَايِرًا لَهُ، إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الشَّيْءِ وَسِيلَةً إلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتِمُّ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى كَوْنِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةً عَنْ التَّنَاصُرِ بِأَنْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمَطْلُوبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّنَاصُرُ، وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ:
الْوَلَاءُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ النُّصْرَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلْيِ وَهُوَ الْقُرْبُ، وَحُصُولُ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَنَاصُرٍ يُوجِبُ الْإِرْثَ وَالْعَقْلَ اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ خَلَلٌ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ الْمُشْتَقَّ مِنْ الْوَلْيِ الَّذِي هُوَ الْقُرْبُ لَا يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ النُّصْرَةِ وَالْمَحَبَّةِ بَلْ يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ الْقَرَابَةِ، لِأَنَّ الِاشْتِقَاقَ أَنْ تَجِدَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ تَنَاسُبًا فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَلَا تَنَاسُبَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الْوَلْيِ الَّذِي مَعْنَاهُ الْقُرْبُ وَبَيْنَ الْوَلَاءِ بِمَعْنَى النُّصْرَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَإِنَّمَا التَّنَاسُبُ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بَيْنَ الْوَلْيِ بِمَعْنَى الْقُرْبِ وَبَيْنَ الْوَلَاءِ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ. وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْكَافِي وَالْكِفَايَةِ: هُوَ مِنْ الْوَلْيِ بِمَعْنَى الْقُرْبِ، وَيُقَالُ بَيْنَهُمَا وَلَاءٌ: أَيْ قَرَابَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» أَيْ وَصْلَةٌ كَوَصْلَةِ النَّسَبِ اهـ. فَالْوَلَاءُ الَّذِي يَكُونُ عِبَارَةٌ عَنْ النُّصْرَةِ وَالْمَحَبَّةِ إنَّمَا يُشْتَقُّ مِنْ الْوَلَايَةِ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى النُّصْرَةِ، وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بَعْدَ بَيَانِ كَوْنِ الْوَلَاءِ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقًّا مِنْ الْوَلْيِ بِمَعْنَى الْقُرْبِ: وَقِيلَ الْوَلَاءُ وَالْوَلَايَةُ بِالْفَتْحِ النُّصْرَةُ وَالْمَحَبَّةُ إلَّا أَنَّهُ اخْتَصَّ فِي الشَّرْعِ بِوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ اهـ. وَقَالَ فِي التَّبْيِينِ: هُوَ مِنْ الْوَلْيِ فَهُوَ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ الْمُوَالَاةِ. ثُمَّ قَالَ: أَوْ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْوَلَايَةِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ النُّصْرَةُ وَالْمَحَبَّةُ إلَّا أَنَّهُ اخْتَصَّ فِي الشَّرْعِ بِوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ الْوَلَاءُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ النُّصْرَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلْيِ وَهُوَ الْقُرْبُ خَلْطٌ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ وَإِخْلَالٌ بِحَقِّ الْبَيَانِ
(قَوْلُهُ وَسَبَبُهُ الْعِتْقُ عَلَى مِلْكِهِ فِي الصَّحِيحِ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ قَرِيبُهُ عَلَيْهِ بِالْوِرَاثَةِ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ) إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي الصَّحِيحِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ سَبَبُهُ الْإِعْتَاقُ وَيَسْتَدِلُّونَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ مَنْ وَرِثَ قَرِيبَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ كَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا