. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِشَخْصٍ وَمَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ أَنْسَبُ لِلْإِجَارَةِ لِأَنَّ نِسْبَةَ الذَّاتِيَّاتِ أَوْلَى مِنْ نِسْبَةِ الْعَرَضِيَّاتِ، إلَى هُنَا لَفْظُ الْعِنَايَةِ. أَقُولُ: فِي نَقْلِهِ خَطَأٌ، لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْغَايَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَآلُهَا الْعِتْقُ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي النَّقْلِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَآلُهَا الْوَلَاءُ. وَبَيْنَهُمَا بَوْنٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَقْصُودَ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ مَآلَهَا الْعِتْقُ بَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْعَتَاقِ وَالْكِتَابَةِ، وَبِقَوْلِهِ وَالْوَلَاءُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِتْقِ أَيْضًا بَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْعَتَاقِ وَالْوَلَاءِ أَيْضًا، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ حَسِبَ مَجْمُوعَ الْكَلَامَيْنِ بَيَانًا لِلْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْعَتَاقِ وَالْكِتَابَةِ فَوَقَعَ فِيمَا وَقَعَ مِنْ تَغْيِيرِ الْعِبَارَةِ فِي النَّقْلِ تَدَبَّرْ. ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ بَعْدَمَا تَنَبَّهَ لِمَا فِي نَقْلِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ سُنَنِ السَّدَادِ قَصَدَ رَدَّ تَزْيِيفَةِ أَيْضًا فَقَالَ: وَقَوْلُهُ وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَا إخْرَاجَ فِيهِ فَهُوَ كَالْمُكَابَرَةِ. أَلَا يَرَى أَنَّهُ إخْرَاجُ الْيَدِ حَالًا وَالرَّقَبَةِ مَآلًا، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِلَا عِوَضٍ فَمُسَلَّمٌ وَلَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى الْمُنَاسَبَةِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَفْهُومِهِ مَعَ أَنَّ اعْتِبَارَ انْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي مَفْهُومِ الْعِتْقِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَيْضًا وَكَيْفَ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهِ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ نِسْبَةَ الذَّاتِيَّاتِ أَوْلَى مِنْ نِسْبَةِ الْعَرَضِيَّاتِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ، أَقُولُ: يُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ أَنَّ الْعِتْقَ إخْرَاجُ الرَّقَبَةِ عَنْ الْمِلْكِ حَالٌّ بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ: أَيْ لَيْسَ فِيهَا إخْرَاجُ الرَّقَبَةِ عَنْ الْمِلْكِ حَالًّا وَلَيْسَتْ بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ بَلْ هِيَ بِشَرْطِ عِوَضٍ فَيَسْقُطُ مَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ فِي كُلٍّ مَنْ شِقَّيْ تَرْدِيدِهِ. أَمَّا سُقُوطُ مَا ذَكَرَهُ فِي شِقِّهِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ لَيْسَ فِي الْكِتَابَةِ إخْرَاجُ الرَّقَبَةِ عَنْ الْمِلْكِ حَالًّا وَإِنْ وُجِدَ فِيهَا مُطْلَقُ الْإِخْرَاجِ. وَأَمَّا سُقُوطُ مَا ذَكَرَهُ فِي شِقِّهِ الثَّانِي فَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَنْسَبِيَّةِ لَا فِي مُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ فَلَا تَمْشِيَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى الْمُنَاسَبَةِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَفْهُومِهِ. ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا كَانَ مُرَادُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ لَا بِشَرْطِ لَا عِوَضَ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ لَمْ يُفِدْ قَوْلُ ذَلِكَ الْقَائِلِ، مَعَ أَنَّ اعْتِبَارَ انْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي مَفْهُومِ الْعِتْقِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، لِأَنَّ اعْتِبَارَ انْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي مَفْهُومِ الْعِتْقِ مِمَّا لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ بِشَرْطِ لَا عِوَضَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ فَيَعُمُّ مَا بِشَرْطِ الْعِوَضِ أَيْضًا، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ أَنْ بِلَا شَرْطِ شَيْءٍ أَعَمُّ مِنْ بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَمِنْ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ فَيَصِيرُ الْمُعْتَبَرُ فِي مَفْهُومِ الْعِتْقِ انْتِفَاءَ اعْتِبَارِ الْعِوَضِ لَا اعْتِبَارَ انْتِفَاءِ الْعِوَضِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ لِأَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ شَيْءٍ لَيْسَ اعْتِبَارَ عَدَمِهِ كَمَا عُرِفَ. ثُمَّ إنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ بِالذَّاتِيَّاتِ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ نِسْبَةَ الذَّاتِيَّاتِ أَوْلَى مِنْ نِسْبَةِ الْعَرَضِيَّاتِ مَا هُوَ الدَّاخِلُ فِي الْمَفْهُومِ، وَبِالْعَرْضِيَّاتِ مَا هُوَ الْخَارِجُ عَنْهُ. إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّ الذَّاتِيَّاتِ فِي الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ مَا اعْتَبَرَهُ الْمُعْتَبِرُ دَاخِلًا فِيهَا، وَالْعَرَضِيَّاتِ مَا اعْتَبَرَهُ خَارِجًا عَنْهَا، بِخِلَافِ حَقَائِقِ النَّفْسِ الْأَمْرِيَّةِ، فَفِي الْكِتَابَةِ كَوْنُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لِشَخْصٍ وَهُوَ الْمَوْلَى وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِهَا الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَفْهُومِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مَآلُهَا الْحَاصِلُ عِنْدَ أَدَاءِ كُلِّ الْبَدَلِ، وَكَذَا الْوَلَاءُ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهُ فَإِنَّهُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِتْقِ فَكَانَ مُنَاسَبَةُ الْكِتَابَةِ بِالْإِجَارَةِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتِيَّةُ وَبِالْعِتْقِ مِنْ حَيْثُ الْعَرَضِيَّةُ فَكَانَتْ أَنْسَبَ لِلْإِجَارَةِ مِنْ الْعِتْقِ. ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْ الشُّرَّاحِ قَالُوا: وَقَدَّمَ الْإِجَارَةَ لِشَبَهِهَا بِالْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ التَّمْلِيكُ وَالشَّرَائِطُ فَكَانَ أَنْسَبَ بِالتَّقْدِيمِ. ثُمَّ أَقُولُ: هَذَا أَمْرٌ عَجِيبٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ شَبَهِهَا مِنْ بَعْضِ الْحَيْثِيَّاتِ بِالْبَيْعِ الَّذِي مِنْ بَيْنِهِ وَبَيْنِهَا كُتُبٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ شَبِيهَةٍ بِالْبَيْعِ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّاتِ وَغَيْرِهَا، فَكَيْفَ يَجْعَلُ هَاهُنَا وَجْهًا لِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْكِتَابَةِ، وَهَلْ تَقْبَلُهُ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ. وَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّ وَجْهَ تَقْدِيمِ الْإِجَارَةِ هُوَ الْمُنَاسَبَةُ الْكَائِنَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَ قَبْلَهَا الْمُبَيَّنَةُ فِي صَدْرِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فَإِنَّ تِلْكَ الْمُنَاسَبَاتِ لَمَّا اقْتَضَتْ ذِكْرَ الْإِجَارَةِ عَقِيبَ مَا ذُكِرَ قُبَيْلَهَا وَهُوَ الْهِبَةُ اقْتَضَتْ أَيْضًا بِالضَّرُورَةِ تَقْدِيمَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَلَا يَفُوتُ أَمْرُ التَّعْقِيبِ. ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ قَالَ: الْكِتَابَةُ عَقْدٌ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ بِلَفْظِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ. أَقُولُ: هَذَا تَعْرِيفٌ خَالٍ عَنْ التَّحْصِيلِ قَرِيبٌ مِنْ تَعْرِيفِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَعْنَى الْكِتَابَةِ فِي الشَّرْعِ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْعَقْدَ الْجَارِيَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ بِلَفْظِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ بَلْ مَعْرِفَةُ الثَّانِي تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْأَوَّلِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَلَعَلَّ الْبَاعِثَ