(وَلَوْ ثَلَّثَ كَذَا بِغَيْرِ وَاوٍ فَأَحَدَ عَشَرَ) لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ سِوَاهُ (وَإِنْ ثَلَّثَ بِالْوَاوِ فَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ رَبَّعَ يُزَادُ عَلَيْهَا أَلْفٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُهُ.

قَالَ: (وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَوْ قِبَلِي فَقَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ) لِأَنَّ " عَلَيَّ " صِيغَةُ إيجَابٍ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَاصِرٌ فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ يُفَسِّرُهُ الْوَاحِدُ الْمَنْصُوبُ إنَّمَا هُوَ أَحَدَ عَشَرَ دُونَ عِشْرِينَ، فَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ غَيْرِ مُرَكَّبٍ يُفَسِّرُهُ الْوَاحِدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُهُ مُسَاعِدًا لَهُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَوْ ثَلَّثَ كَذَا بِغَيْرِ وَاوٍ) أَيْ لَوْ ذَكَرَ لَفْظَةَ كَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِغَيْرِ وَاوٍ فَقَالَ كَذَا كَذَا كَذَا دِرْهَمًا (فَأَحَدَ عَشَرَ) أَيْ فَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا لَا غَيْرُ (لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ سِوَاهُ) أَيْ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْأَعْدَادِ الصَّرِيحَةِ سِوَى أَحَدَ عَشَرَ: يَعْنِي سِوَى مَا كَانَ أَقَلُّهُ أَحَدَ عَشَرَ فَيُحْمَلُ الِاثْنَانِ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ لِكَوْنِهِمَا نَظِيرَيْ عَدَدَيْنِ صَرِيحَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ، وَيُحْمَلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا عَلَى التَّكْرِيرِ وَالتَّأْكِيدِ ضَرُورَةَ عَدَمِ ثَلَاثِ أَعْدَادٍ مُجْتَمَعَةٍ ذُكِرَتْ بِلَا عَاطِفٍ، كَذَا قَالُوا: (وَإِنْ ثَلَّثَ بِالْوَاوِ) بِأَنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا وَكَذَا (فَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ) أَيْ فَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ هَذَا الْمِقْدَارُ (وَإِنْ رَبَّعَ) بِأَنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا وَكَذَا وَكَذَا (يُزَادُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مِائَةٍ وَأَحَدٍ وَعِشْرُونَ (أَلْفٌ) فَيَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ (لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُهُ) أَيْ لِأَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي صُورَتَيْ التَّثْلِيثِ وَالتَّرْبِيعِ نَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُقِرُّ فِي تَيْنِك الصُّورَتَيْنِ: أَيْ أَقَلُّ مَا كَانَ نَظِيرًا لَهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُهُ تَعْلِيلًا لِمَجْمُوعِ الصُّورَتَيْنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ التَّعْلِيلِ فِي صُورَةِ التَّثْلِيثِ وَتَأْخِيرِهِ إلَى هُنَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَعْلِيلًا لِقَرِيبِهِ: أَعْنِي صُورَةَ التَّرْبِيعِ وَيَكُونَ تَعْلِيلُ صُورَةِ التَّثْلِيثِ مَتْرُوكًا لِانْفِهَامِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَحْرِيرُ صَاحِبِ الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا فَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِثَلَاثَةِ أَعْدَادٍ مَعَ الْعَاطِفِ، وَلَوْ رَبَّعَ يُزَادُ عَلَيْهَا الْأَلْفُ لِأَنَّ ذَا نَظِيرُهُ انْتَهَى.

قَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّبْيِينِ: وَلَوْ خَمَّسَ بِالْوَاوِ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَلَوْ سَدَّسَ يُزَادُ مِائَةُ أَلْفٍ، وَلَوْ سَبَّعَ يُزَادُ أَلْفُ أَلْفٍ، وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا زَادَ عَدَدًا مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ زِيدَ عَلَيْهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى انْتَهَى. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَ بِالنَّصْبِ فَأَمَّا إذَا قَالَ دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ بِأَنْ قَالَ كَذَا دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ. وَقَالَ: هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدًا مُبْهَمًا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَذَكَرَ الدِّرْهَمَ عَقِيبَهُ بِالْخَفْضِ فَيُعْتَبَرُ بِعَدَدٍ وَاحِدٍ مُصَرَّحٍ يَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ عَقِيبَهُ بِالْخَفْضِ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ قَالَ: كَذَا كَذَا دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا وَاوَ الْعَطْفِ، وَذَكَرَ الدَّرَاهِمَ عَقِيبَهُمَا بِالْخَفْضِ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمُصَرَّحِ ثَلَاثُمِائَةٍ لِأَنَّ ثَلَاثًا عَدَدٌ وَمِائَةً عَدَدٌ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ، وَيَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدَّرَاهِمِ بِالْخَفْضِ عَقِيبَهُمَا انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ: وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا كَذَا دِينَارًا فَعَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الذِّكْرِ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ، فَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَحَدَ عَشَرَ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا كَانَ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَكَيْفَ يُقَسَّمُ؟ . الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَمْسَةٌ وَنِصْفٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ، إلَّا أَنَّا نَقُولُ: لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ أَدَّى إلَى الْكَسْرِ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَسْرِ فَيَجْعَلُ سِتَّةً مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَمْسَةً مِنْ الدَّنَانِيرِ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا جَعَلْت سِتَّةً مِنْ الدَّنَانِيرِ وَخَمْسَةً مِنْ الدَّرَاهِمِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ أَقَلُّ مَالِيَّةً مِنْ الدَّنَانِيرِ فَصَرَفْنَاهُ إلَيْهَا احْتِيَاطًا، إلَى هَاهُنَا كَلَامُهُ.

(قَالَ) أَيْ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: (وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَوْ قِبَلِي فَقَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ) لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي الْأَصْلِ. أَمَّا وَجْهُ كَوْنِهِ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ فِي قَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ فَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (لِأَنَّ عَلَيَّ صِيغَةُ إيجَابٍ) تَقْرِيرُهُ أَنَّ عَلَيَّ كَلِمَةٌ خَاصَّةٌ لِلْإِخْبَارِ عَنْ الْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ الْعُلُوِّ، وَإِنَّمَا يَعْلُوهُ وَإِذَا كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ قَضَائِهِ لِيَخْرُجَ عَنْهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَتَقْرِيرٌ آخَرُ أَنَّ الدَّيْنَ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ فَقَدْ ذُكِرَ اقْتِضَاءً؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وَمَحَلُّ الْإِيجَابِ الذِّمَّةُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015