(وَيُقَالُ لَهُ: بَيِّنْ الْمَجْهُولَ) لِأَنَّ التَّجْهِيلَ مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيَانِ) لِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ عَمَّا لَزِمَهُ بِصَحِيحِ إقْرَارِهِ وَذَلِكَ بِالْبَيَانِ.

(فَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْوُجُوبِ فِي ذِمَّتِهِ، وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِيهَا) ، فَإِذَا بَيَّنَ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُونُ رُجُوعًا. قَالَ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ مُتَفَاحِشَةً بِأَنْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَفَاحِشَةً بِأَنْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلَا تَمْنَعُ ذَلِكَ.

وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِلْمَجْهُولِ، وَأَنَّهُ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ الْجَبْرُ عَلَى الْبَيَانِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ هَاهُنَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُجْبَرُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَفِي الْكَافِي: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُفِيدُ، إذْ فَائِدَتُهُ وُصُولُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَطَرِيقُ الْوُصُولِ ثَابِتٌ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ فَلَهُمَا حَقُّ الْأَخْذِ انْتَهَى. قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَكَذَلِكَ جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ: لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ، وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ شُرُوحِ هَذَا الْكِتَابِ نَقْلًا عَنْهُ. أَقُولُ: فِي تَمْثِيلِ جَهَالَةِ الْمُقِرِّ بِالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ فِي الْمُقَرِّ عَلَيْهِ لَا فِي الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ، وَالْأَوْلَى فِي تَمْثِيلِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ أَحَدٍ مِنْ جَمَاعَةٍ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ: لَك عَلَيَّ أَلْفٌ وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمْ أَوْ أَيَّهُمَا قَالَ ذَلِكَ (وَيُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ: يَعْنِي يُقَالُ لِلْمُقِرِّ فِيمَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ (لِأَنَّ التَّجْهِيلَ مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ: يَعْنِي أَنَّ الْإِجْمَالَ وَقَعَ مِنْ جِهَتِهِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ شَيْئًا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ نَحْوُ أَنْ يُبَيِّنَ حَبَّةً أَوْ فَلْسًا أَوْ جَوْزَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

أَمَّا إذَا بَيَّنَ شَيْئًا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: عَنَيْت حَقَّ الْإِسْلَامِ أَوْ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ نَحْوَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَذُكِرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (فَصَارَ كَمَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ) أَيْ فَصَارَ إقْرَارُهُ بِالْمَجْهُولِ كَمَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي وُجُوبِ الْبَيَانِ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُقِرُّ مَا أَجْمَلَهُ (أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيَانِ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ عَمَّا لَزِمَهُ بِصَحِيحِ إقْرَارِهِ) بِالْبَاءِ الْجَارَّةِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: بِصَرِيحِ إقْرَارِهِ (وَذَلِكَ) أَيْ الْخُرُوجُ عَمَّا لَزِمَهُ بِصَحِيحِ إقْرَارِهِ (بِالْبَيَانِ) لَا غَيْرِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ: إنْ وَقَعَ الْإِقْرَارُ الْمُبْهَمُ فِي جَوَابِ دَعْوَى وَامْتَنَعَ عَنْ التَّفْسِيرِ يُجْعَلُ ذَلِكَ إنْكَارًا مِنْهُ وَيُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَصَرَّ جُعِلَ نَاكِلًا عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ أَقَرَّ ابْتِدَاءً يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ: ادَّعِ حَقَّك فَإِذَا ادَّعَى وَأَقَرَّ أَوْ أَنْكَرَ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

(فَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِهِ (لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْوُجُوبِ فِي ذِمَّتِهِ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظَةُ عَلَيَّ لِأَنَّهَا لِلْإِيجَابِ وَالْإِلْزَامِ (وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِيهَا) أَيْ فِي الذِّمَّةِ (فَإِذَا بَيَّنَ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ مَا لَهُ قِيمَةٌ (يَكُونُ رُجُوعًا) عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ (قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْمُقِرِّ (مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا بَيَّنَهُ، يَعْنِي إذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ مَا لَهُ قِيمَةٌ مِمَّا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015