. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَمَاتَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلِعُمَرَ تِسْعُ سِنِينَ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: قَوْلُهُ إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَاتَ وَلِعُمَرَ تِسْعُ سِنِينَ بَعِيدٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ الْكَلَابَاذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ إلَى الْحَبَشَةِ. وَيُقَوِّي هَذَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ «عَنْ عُمَرَ بْنِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: سَلْ هَذِهِ، فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّهُ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَخْشَاكُمْ» وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ كَانَ كَبِيرًا.

وَأَقُولُ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَّلَ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذِكْرُ الدَّلِيلِ النَّقْلِيِّ عَلَى قَوْلِهِ كُلُّ عَقْدٍ جَازَ أَنْ يَعْقِدَهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ غَيْرَهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ دَلِيلًا عَقْلِيًّا عَلَيْهِ، فَيُتَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ تَوْكِيلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَادَّتَيْنِ الْمَخْصُوصَتَيْنِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا فِي الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْكُلِّيَّةِ، فَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدَ تَأْيِيدِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي مَبْنَاهُ دَفْعُ الْحَاجَةِ بِوُقُوعِ التَّوْكِيلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا إقَامَةُ دَلِيلٍ مُسْتَقِلٍّ عَلَى دَعْوَى الْكُلِّيَّةِ السَّابِقَةِ، وَكَأَنَّهُ عَنْ هَذَا قَالَ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَّلَ إلَخْ، وَلَمْ يَقُلْ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَّلَ إلَخْ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُخْتَصَرِهِ: (وَتَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ) أَيْ فِي جَمِيعِهَا (لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ الْحَاجَةِ) يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ عَلَى اعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ (إذْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَهْتَدِي إلَى وُجُوهِ الْخُصُومَاتِ) تَعْلِيلٌ لِجَرَيَانِ مَا قَدَّمَهُ هَاهُنَا. قَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ: أَمَّا التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ فَإِنَّمَا جَازَ لِمَا رَوَيْنَا قَبْلَ هَذَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَّلَ فِي الشِّرَاءِ» ، فَإِذَا جَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ جَازَ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لِمَا قَدَّمْنَا انْتَهَى. أَقُولُ: تَعْلِيلُهُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ لِمَا قَدَّمْنَا صَحِيحٌ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ الْأَوَّلُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هَاهُنَا فِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَاتِ لَا فِي التَّوْكِيلِ فِي الْعُقُودِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَعْلِيلِهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَتَمَشَّى فِي الْعُقُودِ دُونَ الْخُصُومَاتِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَدْ صَحَّ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَّلَ عَقِيلًا) أَيْ وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَاتِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَخْتَارُ عَقِيلًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ ذَكِيًّا حَاضِرَ الْجَوَابِ؛ حَتَّى حُكِيَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَقْبَلَهُ يَوْمًا وَمَعَهُ عَنْزٌ فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى سَبِيلِ الدُّعَابَةِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ أَحْمَقُ، فَقَالَ عَقِيلٌ: أَمَّا أَنَا وَعَنْزِي فَعَاقِلَانِ (وَبَعْدَمَا أَسَنَّ عَقِيلٌ وَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ) الطَّيَّارَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، إمَّا؛ لِأَنَّهُ وَقَّرَ عَقِيلًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِكِبَرِ سِنِّهِ، أَوْ لِأَنَّهُ انْتَقَصَ ذِهْنَهُ فَوَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ شَابًّا ذَكِيًّا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْرَهُ الْخُصُومَةَ، وَكَانَ إذَا كَانَتْ لَهُ خُصُومَةٌ وَكَّلَ فِيهَا عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا كَبِرَ عَقِيلٌ وَكَّلَنِي. وَأُخْرِجَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ وَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ بِالْخُصُومَةِ. وَقَالَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَا يَحْضُرُ الْخُصُومَةَ وَكَانَ يَقُولُ: إنَّ لَهَا قُحَمًا تَحْضُرُهَا الشَّيَاطِينُ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْخُصُومَةَ إلَى عَقِيلٍ، فَلَمَّا كَبِرَ وَرَقَّ حَوَّلَهَا إلَيَّ، فَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: مَا قُضِيَ لِوَكِيلِي فَلِي وَمَا قُضِيَ عَلَى وَكِيلِي فَعَلَيَّ انْتَهَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ: إنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَّلَ أَخَاهُ عَقِيلًا بِالْخُصُومَةِ، ثُمَّ وَكَّلَ بَعْدَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَانَ لَا يَحْضُرُ الْخُصُومَةَ وَيَقُولُ: إنَّ لَهَا لَقُحَمًا، وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَحْضُرُهَا: أَيْ مَهَالِكَ وَشَدَائِدَ. وَقُحَمُ الطَّرِيقِ مَا صَعُبَ مِنْهُ وَشَقَّ عَلَى سَالِكِهِ انْتَهَى. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى أَنْ لَا يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْخُصُومَةِ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِصُنْعِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْأَوْلَى أَنْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي مِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ وَرَدَ الذَّمُّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: 48] ، {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: 51] وَجَوَابُهُ أَنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ الرَّدُّ مِنْ الْمُنَافِقِ وَالْإِجَابَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ اعْتِقَادًا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي. وَذُكِرَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015