إلَى زَمَانِ بُطْلَانِ الْإِنَابَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا فِي تَصَرُّفِ الْوَارِثِ.
أَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِنَابَةٌ لِقِيَامِ وِلَايَةِ الْمَنُوبِ عَنْهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ لَا يَفُوتُ النَّظَرُ لِقُدْرَةِ الْمُوَكَّلِ، وَفِي الْأَوَّلِ يَفُوتُ لِعَجْزِ الْمُوصِي (وَمَنْ أَعْلَمَهُ مِنْ النَّاسِ بِالْوَكَالَةِ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ) لِأَنَّهُ إثْبَاتُ حَقٍّ لَا إلْزَامُ أَمْرٍ.
قُلْ (وَلَا يَكُونُ النَّهْيُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَا: هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ وَبِالْوَاحِدِ فِيهَا كِفَايَةٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوِصَايَةُ اسْتِخْلَافُ مُضَافٍ (إلَى) مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا وَهُوَ (زَمَانُ بُطْلَانِ الْإِنَابَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ) كَالْوِرَاثَةِ (لِقِيَامِ وِلَايَةِ الْمَنُوبِ عَنْهُ) وَلِهَذَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ (وَهَذَا لِأَنَّهُ) إذَا وَقَفْنَاهُ عَلَى الْعِلْمِ (لَا يَفُوتُ النَّظَرُ) لِقِيَامِ وِلَايَةِ الْمُوَكَّلِ وَقُدْرَتِهِ (وَفِي الْأَوَّلِ يَفُوتُ لِعَجْزِ الْمُوصِي) بِالْمَوْتِ، وَهَذَا إذَا ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ قَصْدًا، أَمَّا إذَا ثَبَتَتْ فِي ضِمْنِ الْأَمْرِ بِالْفِعْلِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ يَبِيعُك أَوْ لِامْرَأَتِهِ اذْهَبِي إلَى فُلَانٍ يُطَلِّقُك أَوْ اذْهَبْ بِعَبْدِي إلَى فُلَانٍ فَيَبِيعَهُ مِنْك فَذَهَبَ كَمَا أَخْبَرَهُ فَفَعَلَ.
ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَكَانَ فِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي إحْدَاهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ، وَفِي أُخْرَى لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ.
وَذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ مَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلنَّاسِ بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ جَازَ مَعَ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لِلْعَبْدِ بِالْإِذْنِ، وَإِذَا تَوَقَّفَتْ الْوَكَالَةُ عَلَى الْعِلْمِ فَلْنَذْكُرْ بِمَاذَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ الْمُثْبِتُ لِلْوَكَالَةِ فَقَالَ (كُلُّ مَنْ أَعْلَمَهُ بِالْوَكَالَةِ جَازَ بِهِ تَصَرُّفُهُ) بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُمَيِّزًا رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً فَاسِقًا كَانَ أَوْ عَدْلًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ لَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَصْلًا لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ عَقْدًا كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَ (لِأَنَّهُ) تَسْلِيطٌ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ قُلْنَا (إنَّهُ إثْبَاتُ حَقٍّ) هُوَ حَقُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ (لَا إلْزَامُ أَمْرٍ) فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ وَكَانَ كَقَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّهَا عَلَى يَدِهِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْإِجْمَاعِ وَالنَّصِّ، فَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُهَا مِنْ الْعَبْدِ وَالتَّقِيِّ وَيَشْتَرِي مِنْ الْكَافِرِ (أَمَّا الْعَزْلُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَعِنْدَهُمَا هُوَ وَالْإِخْبَارُ بِهَا سَوَاءٌ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَثْبُتُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدُ عَدْلٍ أَوْ شَاهِدَانِ) أَيْ مُخْبِرَانِ لِأَنَّ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عَدَلَا أَوْ لَمْ يَعْدِلَا (وَجْهُ قَوْلِهِمَا إنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ وَبِالْوَاحِدِ فِيهَا كِفَايَةٌ) وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ الْمُخْبِرِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ وَزَعَمَ أَنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مَعْنَى إطْلَاقِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يُعْلَمَ