قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى مَكِيلًا مُكَايَلَةً أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً فَاكْتَالَهُ أَوْ اتَّزَنَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرَى مِنْهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَلَا أَنْ يَأْكُلَهُ حَتَّى يُعِيدَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ) «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ صَاعَانِ: صَاعُ الْبَائِعِ، وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» ؛ وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَالتَّصَرُّفُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَوْ كَانَ الْعَقَارُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ بِبَدَلٍ لَمْ يَثْبُتْ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الْأَخْذِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهَذَا يَخْرُجُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا الْإِلْحَاقُ بِالْإِجَارَةِ فَفِي مَنْعِ الْإِجَارَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَنْعٌ فَإِنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَالصَّحِيحُ كَمَا قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ إلَّا أَنَّ الْمَنَافِعَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْقُولِ وَالْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ فَيَمْتَنِعُ جَوَازُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى: وَإِذَا عُرِفَ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَجُوزُ وَفِي الْمَبِيعِ لَا يَجُوزُ كَانَ تَتْمِيمُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ هُنَا مَا يُمَيِّزُ الْمَبِيعَ عَنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّفَ فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَثْمَانٌ أَبَدًا وَذَوَاتُ الْقِيَمِ مَبِيعَةٌ أَبَدًا وَالْمِثْلِيَّاتُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ إذَا قُوبِلَتْ بِالنَّقْدِ مَبِيعَةٌ أَوْ بِالْأَعْيَانِ وَهِيَ مُعَيَّنَةُ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فَمَبِيعَةٌ، كَمَنْ قَالَ اشْتَرَيْت كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ بِهَذَا الْعَبْدِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرَائِطِ السَّلَمِ، وَقِيلَ الْمِثْلِيَّاتُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً وَقُوبِلَتْ بِغَيْرِهَا ثَمَنٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا الْبَاءُ.
إذَا عُرِفَ هَذَا فَالْأَثْمَانُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتِبْدَالًا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْقَرْضِ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ، وَالْمَبِيعَاتُ تَقَدَّمَ حَالُهَا عِنْدَ ذِكْرِنَا الْإِلْحَاقَ، وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَقَالَ فَبَيْعُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ يَجُوزُ، وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَجُوزُ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْبَيْعَ مَتَى انْفَسَخَ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ فَبَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَمَا هُوَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ يَجُوزُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَالْأَجْنَبِيِّ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى مَكِيلًا مُكَايَلَةً أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً) أَيْ اشْتَرَاهُ عَلَى كَذَا كَيْلًا أَوْ رَطْلًا (فَاكْتَالَهُ أَوْ اتَّزَنَهُ) لِنَفْسِهِ (ثُمَّ بَاعَهُ مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً) فِي الْمَوْزُونِ (لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يُعِيدَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ صَاعَانِ: صَاعُ الْبَائِعِ، وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» ) رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ هَكَذَا لَكِنْ بِلَفْظِ الصَّاعَانِ مُعَرَّفًا أَسْنَدَهُ عَنْهُ ابْنُ مَاجَهْ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
وَأُعِلَّ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَبِلَفْظِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ فِيهِ: