(وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الَّذِي بَاعَهُ) وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْجَوَابَ فِيمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَفِيمَا لَا يَحْدُثُ سَوَاءٌ. وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُيُوعِ: إنْ كَانَ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ. .

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاعْتِبَارِ مَا مَضَى وَلَا يُجْعَلُ الْمَوْهُوبُ عَائِدًا إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْوَاهِبِ فِي حَقِّ زَكَاةِ مَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا وَهَبَ دَارًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ عَادَ الْمَوْهُوبُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَجُعِلَ كَأَنَّ الدَّارَ لَمْ تَزُلْ عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا الْأَصْلُ خُرِّجَتْ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ عَلَيْهِ.

أَمَّا الشُّفْعَةُ؛ فَلِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الرَّدِّ وَحُكْمُ الرَّدِّ يَظْهَرُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ لَا فِيمَا مَضَى، وَكَذَا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إنَّمَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ بِاعْتِبَارِ وِلَايَةٍ كَانَتْ لَهُ زَمَانَ الْعُلُوقِ وَهُوَ مَعْنًى سَابِقٌ عَلَى الرَّدِّ وَقَدْ بَطَلَ قَبْلَ الرَّدِّ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ الرَّدِّ فِيهَا بَلْ يَبْقَى مَا كَانَ مِنْ عَدَمِ وِلَايَةِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ، وَكَذَا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلَ الرَّدِّ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ الرَّدِّ فِي إبْطَالِهَا؛ وَلِأَنَّ صِحَّتَهَا لَا تَسْتَدْعِي عِنْدَنَا دَيْنًا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: قَوْلُ الْقَائِلِ الرَّدُّ بِقَضَاءٍ فَسْخٌ وَجَعْلُ الْعَقْدِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا جُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ جُعِلَ الْفَسْخُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ بِدُونِ الْعَقْدِ لَا يَكُونُ.

فَإِذَا انْعَدَمَ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ انْعَدَمَ الْفَسْخُ مِنْ الْأَصْلِ، وَإِذَا انْعَدَمَ الْفَسْخُ فِي الْأَصْلِ عَادَ الْعَقْدُ لِانْعِدَامِ مَا يُنَافِيهِ لَكِنْ يُقَالُ: الْعَقْدُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَاهُ، وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ، أَمَّا مِنْهَا فَلَا، وَذَلِكَ لِمَسْأَلَةٍ نَقَلَهَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ الْمُنْتَقَى: أَنَّ مَنْ اشْتَرَى دِينَارًا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ بَاعَ الدِّينَارَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِالدِّينَارِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَذَلِكَ لِمَعْنًى، وَهُوَ أَنَّ الْمَبِيعَيْنِ حِينَئِذٍ يَكُونَانِ مَعْدُومَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَعِيبَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ بَلْ الْمَبِيعُ السَّلِيمُ فَيَكُونُ الْمَعِيبُ مِلْكَ الْبَائِعِ، فَإِذَا رُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي يَرُدُّهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعَيْنِ فِي غَيْرِ النُّقُودِ كَمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ فَإِنَّهُمَا مَوْجُودَانِ فِي ذَلِكَ إذَا قَبِلَهُ بِدُونِ الْقَضَاءِ فَقَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَلَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ.

وَإِذَنْ مَا فِيهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى هَذَا الْقَيْدِ، وَقَوْلُهُ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ) إلَى آخِرِهِ إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يُخَالِفُ الْقُدُورِيَّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْأَلَةَ فِيهِ بِكَوْنِ الْعَيْبِ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَقَيَّدَهَا فِي الْجَامِعِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فَقَالَ: إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِيمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدِ وَالنَّاقِصَةِ وَالسِّنِّ الشَّاعِبَةِ، فَامْتِنَاعُهُ فِيمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْمَرَضِ وَالسُّعَالِ وَالْقُرُوحِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْلَى، قَالَ الْمُصَنِّفِ.

(وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُيُوعِ) أَيْ بُيُوعِ الْأَصْلِ (إنْ كَانَ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ يَرْجِعُ) يَعْنِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إذَا رَدَّهُ بِالتَّرَاضِي (لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ) وَقَدْ فَعَلَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ مَا لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ فَعَلَهُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مُتَعَيِّنٌ فِي هَذَا فَكَانَ فِعْلُهُمَا كَفِعْلِ الْقَاضِي، وَالْمُرَادُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ مُطْلَقًا أَوْ فِي مُدَّةِ كَوْنِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إلَى رَدِّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، قِيلَ، وَوَجْهُ عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015