وَاسْمُ الدَّرَاهِمِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْمَضْرُوبَةِ عُرْفًا فَهَذَا يُبَيِّنُ لَك اشْتِرَاطَ الْمَضْرُوبِ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ رِعَايَةً لِكَمَالِ الْجِنَايَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَانَ أَخَا أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِأُمِّهِ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ أَيْمَنَ بْنَ أُمِّ أَيْمَنَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً فَقَدْ وَهَمَ، حَدِيثُهُ فِي الْقَطْعِ مُرْسَلٌ، فَهَذَا يُخَالِفُ الشَّافِعِيَّ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ ذُكِرَ أَنَّ أَيْمَنَ بْنَ أُمِّ أَيْمَنَ قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَأَنَّهُ صَحَابِيٌّ حَيْثُ جَعَلَهُ مِنْ التَّابِعِينَ، وَهَكَذَا فَعَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، أَيْمَنُ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ثَمَنَ الْمِجَنِّ دِينَارٌ» رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي أَيْمَنَ رَاوِي قِيمَةِ الْمِجَنِّ هَلْ هُوَ صَحَابِيٌّ أَوْ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، فَإِنْ كَانَ صَحَابِيًّا فَلَا إشْكَالَ. وَإِنْ كَانَ تَابِعِيًّا ثِقَةً كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ الْإِمَامُ الْعَظِيمُ الشَّأْنِ وَابْنُ حِبَّانَ فَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ. وَالْإِرْسَالُ لَيْسَ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ قَادِحًا بَلْ هُوَ حُجَّةٌ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَقْوِيمِ ثَمَنِ الْمِجَنِّ أَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَوْ عَشَرَةٌ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ هُنَا لِإِيجَابِ الشَّرْعِ الدَّرْءَ مَا أَمْكَنَ فِي الْحُدُودِ، ثُمَّ يَقْوَى بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشَرَةَ دَرَاهِمَ» ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَكَذَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.
، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ قَطَعْت: يَدَ صَاحِبِهِ» وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَتَأَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «لَا قَطْعَ إلَّا فِي دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» وَهَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ مُرْسَلٌ عَنْهُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ. وَأَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ فَقَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لَا قَطْعَ إلَّا فِي دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ. وَهُوَ مُرْسَلٌ رَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَسْمَعُ مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ انْتَهَى.
وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْكُلَّ مَا رَوَوْهُ إلَّا عَنْ الْقَاسِمِ، لَكِنْ فِي مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مُقَاتِلٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ قَطْعُ الْيَدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» ، وَهَذَا مَوْصُولٌ وَفِي رِوَايَةِ خَلَفِ بْنِ يَاسِينَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: «إنَّمَا كَانَ الْقَطْعُ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حَرْبٍ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَرْفَعُهُ «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» فَهَذَا مَوْصُولٌ مَرْفُوعٌ، وَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا لَكَانَ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةَ لَا دَخْلَ لِلْعَقْلِ فِيهَا فَالْمَوْقُوفُ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى الرَّفْعِ (قَوْلُهُ وَاسْمُ الدَّرَاهِمِ) يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ (يَنْطَلِقُ عَلَى الْمَضْرُوبَةِ عُرْفًا) فَإِذَا أُطْلِقَ بِلَا قَيْدٍ، فَهُوَ وَجْهُ اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا مَضْرُوبَةً فِي الْقَطْعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُدُورِيِّ (وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِلظَّاهِرِ مِنْ الْحَدِيثِ وَ (رِعَايَةً لِكَمَالِ الْجِنَايَةِ) لِأَنَّهَا شَرْطُ الْعُقُوبَةِ، وَشُرُوطُ الْعُقُوبَاتِ يُرَاعَى وُجُودُهَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ.
وَلِهَذَا شَرَطْنَا الْجَوْدَةَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ زُيُوفًا لَا يُقْطَعُ