غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: «كَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا» وَالثَّلَاثَةُ رُبْعُهَا. وَلَنَا أَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَكْثَرِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى احْتِيَالًا لِدَرْءِ الْحَدِّ. وَهَذَا لِأَنَّ فِي الْأَقَلِّ شُبْهَةَ عَدَمِ الْجِنَايَةِ وَهِيَ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ، وَقَدْ تَأَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قَطْعَ إلَّا فِي دِينَارٍ، أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ»

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ اتَّضَعَ، وَذَلِكَ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» ، وَعُثْمَانُ قَطَعَ فِي أُتْرُجَّةٍ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ انْتَهَى. وَكَوْنُ الْمِجَنِّ بِثَلَاثَةٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» . أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» (غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «كَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا» فَالثَّلَاثَةُ رُبْعُهَا) وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اقْطَعُوا فِي رُبْعِ دِينَارٍ، وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ» وَكَانَ رُبْعُ الدِّينَارِ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْقَطْعَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ إلَّا فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ أَنَّهُ مَا كَانَ إلَّا فِي مِقْدَارِ ثَمَنِهِ لَا حَقِيقَةَ اللَّفْظِ وَهِيَ أَنَّ الْمَسْرُوقَ كَانَ نَفْسَ ثَمَنِهِ فَقُطِعَ بِهِ إذْ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمَسْرُوقُ كَانَ نَفْسَ الْمِجَنِّ فَقُطِعَ بِهِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (وَلَنَا أَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَكْثَرِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ) فَعُرِفَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ، وَيُرِيدُ بِذَلِكَ حَدِيثَ أَيْمَنَ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ مُجَاهِدٍ «عَنْ أَيْمَنَ قَالَ: لَمْ تُقْطَعْ الْيَدُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَثَمَنُهُ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ» وَسَكَتَ عَنْهُ.

وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَذِهِ «سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْطَعَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ، فَكَيْفَ قُلْت: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا؟ فَقَالَ: قَدْ رَوَى شَرِيكٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَيْمَنَ بْنِ أُمِّ أَيْمَنَ أَخِي أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: لِأُمِّهِ، وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَجَابَ بِأَنَّ أَيْمَنَ بْنَ أُمِّ أَيْمَنَ قَاتَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ مُجَاهِدٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْمَرَاسِيلِ: وَسَأَلْت أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنْ أَيْمَنَ وَكَانَ فَقِيهًا قَالَ: «تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا» ، قَالَ أَبِي: هُوَ مُرْسَلٌ، وَأَرَى أَنَّهُ وَالِدُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ وَلَيْسَ لَهُ صُحْبَةٌ، وَظَهَرَ بِهَذَا الْقَدْرِ أَنَّ أَيْمَنَ اسْمٌ لِلصَّحَابِيِّ فَهُوَ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُنَيْنٍ وَاسْمٌ لِتَابِعِيٍّ آخَرَ. وَقَالَ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي كِتَابِهِ: أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، رَوَى عَنْ سَعْدٍ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، ثُمَّ قَالَ أَيْمَنُ مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقِيلَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي عُمَرَ.

عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّرِقَةِ إلَى أَنْ قَالَ: وَعَنْهُ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ، قَالَ النَّسَائِيّ: مَا أَحْسَبُ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، فَقَدْ جَعَلَهُ اسْمًا لِتَابِعِيَّيْنِ، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ فَجَعَلَاهُمَا وَاحِدًا، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ مَوْلَى ابْنِ أَبِي عُمَرَ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ، رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَيْمَنَ وَالِدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ فَقَالَ: مَكِّيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: أَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَبَشِيُّ مَوْلًى لِابْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَخْزُومِيِّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ، وَابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015