وَلَنَا كِتَابُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى شُرَيْحٍ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ: لَبَّسَا فَلُبِّسَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ بَيَّنَا لَبُيِّنَ لَهُمَا، هُوَ ابْنُهُمَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQالِابْنُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ وَيَرِثَانِ مِنْهُ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ. فَهَذِهِ أَحْكَامُ دَعْوَتِهِمَا ذَكَرَهَا الْقُدُورِيُّ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا حَتَّى إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ كُلُّ مِيرَاثِ الِابْنِ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا، وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهَا بِوَجْهِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَالَ: وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَسَيُقَيِّدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا مُرَجِّحٌ، فَلَوْ كَانَ بِأَنْ كَانَ الشَّرِيكَانِ أَبًا وَابْنًا فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَبِ وَحْدَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا يَثْبُتُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَحْدَهُ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ فَيَثْبُتُ مِنْهُمَا وَيَكُونُ مُسْلِمًا، وَقَيَّدَهُ هَاهُنَا بِمَا إذَا حَمَلَتْ عَلَى مِلْكِهِمَا، وَهُوَ أَنْ تَلِدَهُ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ: يَعْنِي فَصَاعِدًا وَلَوْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ مَلَكَاهَا، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ عَلَى مِلْكِ أَحَدِهِمَا نِكَاحًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا هُوَ وَآخَرُ فَوَلَدَتْ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الشِّرَاءِ فَادَّعَيَاهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِ الزَّوْجِ فَإِنَّ نَصِيبَهُ صَارَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَالِاسْتِيلَادُ لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزِّي عِنْدَهُمَا وَلِإِبْقَاءِهِ عِنْدَهُ فَيَثْبُتُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ أَيْضًا.

وَأَيْضًا مَا إذَا حَمَلَتْ عَلَى مِلْكِ أَحَدِهِمَا رَقَبَةً فَبَاعَ نِصْفَهَا مِنْ آخَرَ فَوَلَدَتْ: يَعْنِي لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ بَيْعِ النِّصْفِ فَادَّعَيَاهُ يَكُونُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِكَوْنِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ، وَعَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ قَبْلَ مِلْكِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ اشْتَرَيَا أَمَةً فَوَلَدَتْ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ مَلَكَاهَا أَوْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مِلْكِهِمَا إيَّاهَا فَاشْتَرَيَاهَا فَادَّعَيَاهُ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَةُ عِتْقٍ لَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَيُعْتَقُ الْوَلَدُ مُقْتَصَرًا عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ، بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّ شَرْطَهَا كَوْنُ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ، وَتَسْتَنِدُ الْحُرِّيَّةُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَعْلَقُ حُرًّا وَقَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ فِيمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ هَذَا ابْنِي وَأُمُّهُ فِي مِلْكِهِ هَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَوْ لَا؟ قِيلَ نَعَمْ مَجْهُولَ النَّسَبِ أَوْ مَعْلُومَهُ، وَقِيلَ لَا فِيهِمَا، وَقِيلَ نَعَمْ فِي مَجْهُولِهِ لَا فِي مَعْلُومِهِ، فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ حُكْمُنَا عِنْدَ جَهْلِنَا بِحَالِ الْعُلُوقِ، وَبِقَوْلِنَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُهُ فِي الْقَدِيمِ، وَرَجَّحَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ حَدِيثَ الْقَافَةِ.

وَقِيلَ يَعْمَلُ بِهِ إذَا فُقِدَتْ الْقَافَةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْقَائِفِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَائِفٌ وَقَفَ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ فَيَنْتَسِبُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَسِبْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ نَسَبُهُ مَوْقُوفًا لَا يَثْبُتُ لَهُ نَسَبٌ مِنْ غَيْرِ أُمِّهِ. وَالْقَائِفُ هُوَ الَّذِي يَتْبَعُ آثَارَ الْآبَاءِ فِي الْأَبْنَاءِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْآثَارِ مِنْ قَافَ أَثَرَهُ يَقُوفُهُ مَقْلُوبُ قَفَا أَثَرَهُ مِثْلَ رَاءٍ مَقْلُوبُ رَأَى، وَالْقِيَافَةُ مَشْهُورَةٌ فِي بَنِي مُدْلِجٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْلِجِيًّا فَغَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ فِي الْإِمَاءِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ إثْبَاتَ النَّسَبِ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعَ عِلْمِنَا بِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَتَخَلَّقُ مِنْ مَاءَيْنِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تَعَلَّقَ مِنْ رَجُلٍ انْسَدَّ فَمُ الرَّحِمِ مُتَعَذَّرٌ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَافَةَ لَوْ أَلْحَقُوهُ بِهِمَا لَا يُلْحَقُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ يَبْطُلُ قَوْلُهُمْ إذَا أَلْحَقُوا بِهِمَا، وَقَدْ ثَبَتَ الْعَمَلُ بِالشَّبَهِ بِقَوْلِ الْقَائِفِ حَيْثُ سُرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا أَخْرَجَ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ كُلِّهِمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَات يَوْمٍ مَسْرُورًا فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدٌ وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ وَقَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: هَذِهِ الْأَقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» وَقَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ.

(وَلَنَا كِتَابُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى شُرَيْحٍ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ) ذَكَرَ أَنَّ شُرَيْحًا كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَارِيَةٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنَّهُمَا لَبَّسَا فَلُبِّسَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ بَيَّنَا لَبُيِّنَ لَهُمَا، وَهُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا. وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَحَلَّ مَحَلَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015