. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَنَافِعِهِ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ دَائِمًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَلْ عَمَلُهُ فِي رَفْعِ الْمُخَالَفَةِ وَالْمُشَاقَقَةِ فِيمَا أَتَاهُ، فَمَتَى نَهَاهُ كَانَ ذَلِكَ مُنْتَهَى عَمَلِ الْإِذْنِ لِمَا قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ فِي دَوَامِ السُّقُوطِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَصَارَ كَالْإِذْنِ فِي اسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ لِغَيْرِهِ وَكَتَبْوِئَتِهَا مَعَ الزَّوْجِ لَهُ فِيهِمَا الرَّدُّ إلَى الِاسْتِخْدَامِ وَالْمَنْعِ مِمَّا أَذِنَ فِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ أَسْقَطَ الْمِلْكَ وَآثَارَهُ بِالْإِذْنِ بِالْإِحْرَامِ فَبَقِيَ عَلَى مَا عَهِدَ لَهُ مِنْ اللَّوَازِمِ، بَلْ عَهِدَ أَنَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ قَدَّمَ حَقَّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ لِفَقْرِهِ وَغِنَى الْعَزِيزِ الْعَظِيمِ.
هَذَا وَإِذَا أَحْرَمَتْ الْحُرَّةُ بِالْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا إنْ كَانَ لَهَا مُحْرِمٌ عِنْدَنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَلَهُ مَنْعُهَا، فَإِنْ أَحْرَمَتْ فَهِيَ مُحْصَرَةٌ لِحَقِّ الشَّرْعِ. فَلِذَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ تَحْلِيلَهَا فَإِنَّهَا لَا تَتَحَلَّلُ إلَّا بِالْهَدْيِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَتْ بِنَفْلٍ بِلَا إذْنٍ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا وَلَا يَتَأَخَّرُ تَحْلِيلُهُ إيَّاهَا إلَى ذَبْحِ الْهَدْيِ بَلْ يُحَلِّلُهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَعَلَيْهَا هَدْيٌ لِتَعْجِيلِ الْإِحْلَالِ وَحَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ لِأَنَّ هُنَاكَ لَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي مَنْعِهَا لَوْ وَجَدَتْ مُحْرِمًا.
وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ لِفَقْدِ الْمُحْرِمِ شَرْعًا فَلَا تَتَحَلَّلُ إلَّا بِالْهَدْيِ، وَهُنَا قَدْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ لِحَقِّ الزَّوْجِ. فَكَمَا لَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تُبْطِلَ حَقَّهُ لَيْسَ لَهَا أَيْضًا أَنْ تُؤَخِّرَهُ، كَذَا فِي بَابِ الْإِحْصَارِ مِنْ الْمَبْسُوطِ. وَالتَّحْلِيلُ أَنْ يَنْهَاهَا وَيَفْعَلَ بِهَا أَدْنَى مَا يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ كَقَصِّ ظُفْرٍ وَتَقْبِيلٍ أَوْ مُعَانَقَةٍ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّحْلِيلِ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ حَتَّى تَعَلَّقَ بِهِ الْفَسَادُ فَلَا يَفْعَلُهُ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْحَجِّ، وَلَا يَقَعُ التَّحْلِيلُ بِقَوْلِهِ حَلَلْتُك بَلْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِهَا بِأَمْرِهِ كَالِامْتِشَاطِ بِأَمْرِهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ: امْتَشِطِي وَارْفُضِي عُمْرَتَكِ حِينَ حَاضَتْ فِي الْعُمْرَةِ» .
وَلَوْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْمُحْرِمَةَ وَلَا يَعْلَمُ بِإِحْرَامِهَا لَمْ يَكُنْ تَحْلِيلًا وَفَسَدَ حَجُّهَا، وَإِنْ عَلِمَهُ كَانَ تَحْلِيلًا، وَلَوْ حَلَّلَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فَأَذِنَ فَأَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ وَلَوْ بَعْدَمَا جَامَعَهَا مِنْ عَامِهَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا عُمْرَةٌ وَلَا نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ كَانَ عَلَيْهَا عُمْرَةٌ مَعَ الْحَجِّ.
وَقَالَ زُفَرُ: عَلَيْهِمَا الْعُمْرَةُ فِيهِمَا وَنِيَّةُ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُمَا تَقَرَّرَا فِي ذِمَّتِهَا بِرَفْضِ الْحَجِّ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِمَا إلَّا بِهِمَا مَعَ نِيَّةِ الْقَضَاءِ، فَلَوْ لَمْ تَنْوِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ عَامِ الْإِحْلَالِ وَالْعَامِ الْقَابِلِ. قُلْنَا: إنْ قُلْت بِمُجَرَّدِ التَّحْلِيلِ تَقَرَّرَا مَنَعْنَاهُ. بَلْ اللَّازِمُ عَيْنُ تِلْكَ الْحَجَّةِ مَا لَمْ يَمْضِ الْوَقْتُ. فَإِذَا مَضَى بِلَا إيقَاعٍ فِيهِ حِينَئِذٍ لَزِمَهُ مِثْلُهَا وَهُوَ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ أَدَاءُ مِثْلِ الْوَاجِبِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَصَارَ كَمَا إذَا شَرَعَ فِي صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ قَطَعَهَا فِيهِ ثُمَّ أَدَّاهَا فِيهِ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ اللُّزُومُ مَا لَمْ تَتَحَوَّلْ السَّنَةُ عَيْنَ الْوَاجِبِ لَمْ تَلْزَمْهُ عُمْرَةٌ وَلَا يَنْوِي الْقَضَاءَ.
وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: لَوْ حَلَّلَهَا فَأَحْرَمَتْ فَحَلَّلَهَا فَأَحْرَمَتْ هَكَذَا مِرَارًا ثُمَّ حَجَّتْ مِنْ عَامِهَا أَجْزَأَهَا عَنْ كُلِّ التَّحَلُّلَاتِ تِلْكَ الْحَجَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَلَوْ لَمْ تَحُجَّ بَعْدَ التَّحْلِيلَاتِ إلَّا مِنْ قَابِلٍ كَانَ عَلَيْهَا لِكُلِّ تَحْلِيلٍ عُمْرَةٌ. هَذَا وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْإِحْصَارِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْإِحْصَارُ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ.
وَلَوْ تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّهَا وَلَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ لِتَصِيرَ قَضَاءً لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمْرُ وَالتَّضَيُّقُ فِي أَوَّلِ سَنَى الْإِمْكَانِ لَا يَنْفِيهِ لِمَا حَقَّقْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ وُجُوبُ احْتِيَاطِ لَا افْتِرَاضٍ. وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ التَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ وَتَحَمُّلِ الْإِثْمِ يَقَعُ أَدَاءً، وَإِذَا أَذِنَ لِأَمَتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ فِي الْحَجِّ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا لِأَنَّ مَنَافِعَهَا لِلسَّيِّدِ.
وَهَذِهِ الْخَاتِمَةُ الْمَوْعُودَةُ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ مَقَاصِدُ:
[الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ فِي إيجَابِ الْهَدْيِ وَمَا يَتْبَعُهُ] يَثْبُتُ لُزُومُ الْهَدْيِ بِنَذْرِهِ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ هَدْيٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ، وَلَا يَلْزَمُ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُ، فَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذَا هَدْيٌ لِغَيْرِ مَمْلُوكٍ