وَأَفْعَالُ الْحَجِّ تَنْتَهِي بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ فَيَمْشِي إلَى أَنْ يَطُوفَهُ.

ثُمَّ قِيلَ: يَبْتَدِئُ الْمَشْيَ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ، وَقِيلَ مِنْ بَيْتِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ، وَلَوْ رَكِبَا أَرَاقَ دَمًا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ نَقْصًا فِيهِ، قَالُوا إنَّمَا يَرْكَبُ إذَا بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَشَقَّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ، وَإِذَا قَرُبَتْ وَالرَّجُلُ مِمَّنْ يَعْتَادُ الْمَشْيَ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْكَبَ

(وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً مُحْرِمَةً قَدْ أَذِنَ لَهَا مَوْلَاهَا فِي ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحَلِّلَهَا وَيُجَامِعَهَا) وَقَالَ زُفَرُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ سَبَقَ مِلْكَهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مَنْكُوحَةً. وَلَنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَائِعِ وَقَدْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّلَهَا، فَكَذَا الْمُشْتَرِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَسْلِيمًا

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً مُحْرِمَةً قَدْ أَذِنَ لَهَا إلَخْ) الْأَصْلُ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ إذَا أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيُحَلِّلَهُ بِلَا هَدْيٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَصْنَعَ بِهِ أَدْنَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْإِحْرَامِ كَقَلْمِ ظُفْرِهِ وَنَحْوِهِ، وَعَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ هَدْيُ الْإِحْصَارِ وَحَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ إنْ كَانَ الْإِحْرَامُ بِحَجَّةٍ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كُرِهَ لَهُ تَحْلِيلُهُ، وَلَوْ حَلَّلَهُ حَلَّ، وَلَوْ أُحْصِرَ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَبْعَثَ دَمَ الْإِحْصَارِ وَيَتَحَلَّلَ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَنْ إحْرَامٍ مَأْذُونٍ فِيهِ فَكَانَ كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِيهِ خِلَافًا فِي بَابِ الْإِحْصَارِ، وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ بَاعَهُمَا نَفَذَ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُمَا وَتَحْلِيلُهُمَا وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ خِلَافًا لِزُفَرَ قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَحْرَمَتْ الْحُرَّةُ بِحَجِّ نَفْلٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُ.

وَجْهُ قَوْلِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ سَبَقَ مِلْكَهُ) بِنَصْبِ مِلْكِهِ مَفْعُولًا لَسَبَقَ: أَيْ سَبَقَ وُجُودُهُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ (كَمَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مَنْكُوحَةً) لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهَا لِهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ فَكَذَا هَذَا. قُلْنَا: الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِ الرَّقَبَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ وِلَايَةُ إبْطَالِ النِّكَاحِ وَلَهُ التَّحْلِيلُ وَإِنْ كَرِهَ فَكَذَا الْمُشْتَرِي، إلَّا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا فِي حَقِّ الْبَائِعِ بِمَكَانِ خَلْفِ الْوَعْدِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُشْتَرِي.

ثُمَّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ، فَعِنْدَهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ التَّحْلِيلُ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَاتَّفَقْنَا عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ تَحْلِيلُ الزَّوْجَةِ إذَا أَحْرَمَتْ بِنَفْلٍ بِإِذْنِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا أَحْرَمَتْ بِلَا إذْنٍ فَقَاسَ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِجَامِعِ الْإِذْنِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ، وَقِيَاسًا عَلَى إبْطَالِ عَمَلِ نَفْسِهِ بِجَامِعِ الرِّضَا بِوَاسِطَةِ الْإِذْنِ هُنَا، وَنَحْنُ نَمْنَعُ عَمَلَ الْإِذْنِ فِي السُّقُوطِ مُطْلَقًا، بَلْ إنْ كَانَ الثَّابِتُ مُجَرَّدَ حَقٍّ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهَا، وَإِنَّمَا لَهُ حَقٌّ فِيهَا فَيَسْقُطُ بِالْإِذْنِ. أَمَّا إنْ كَانَ الثَّابِتُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ فَلَا إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَسْقُطُ بِهِ.

وَإِنَّمَا عَمَلُهُ فِي التَّبَرُّعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015