يَحْلِقُ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ لِأَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةٌ عَلَى إحْرَامِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا يَحْلِقُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ كَمَا يَحْلِقُ الْمُفْرِدُ، وَيَتَحَلَّلُ بِالْحَلْقِ عِنْدَنَا لَا بِالذَّبْحِ كَمَا يَتَحَلَّلُ الْمُفْرِدُ ثُمَّ هَذَا مَذْهَبُنَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَطُوفُ طَوَافًا وَاحِدًا وَيَسْعَى سَعْيًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَلِأَنَّ مَبْنَى الْقِرَانِ عَلَى التَّدَاخُلِ حَتَّى اكْتَفَى فِيهِ بِتَلْبِيَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَفَرٍ وَاحِدٍ وَحَلْقٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ فِي الْأَرْكَانِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفِيدُ تَقْدِيمَ الْعُمْرَةِ فِي الْقِرَانِ بِنَظْمِ الْآيَةِ لَا بِالْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ) تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَتَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ قَرَنَ فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا لَهُمَا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَنَا أَنَّهُ لَمَّا طَافَ صُبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ قَالَ لَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ. ثُمَّ حَمَلَ الدُّخُولَ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْوَقْتِ، وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا كَانَ دُخُولُهَا فِي الْحَجِّ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى نِيَّةِ الْقِرَانِ بَلْ كُلُّ مَنْ حَجَّ يَكُونُ قَدْ حُكِمَ بِأَنَّ حَجَّهُ تَضَمَّنَ عُمْرَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا. بَقِيَ أَنْ يُرَادَ الدُّخُولُ وَقْتًا أَوْ تَدَاخَلُ الْأَفْعَالِ بِشَرْطِ نِيَّةِ الْقِرَانِ وَالدُّخُولُ وَقْتًا ثَابِتٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ مُحْتَمَلُهُ وَهُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُحْتَمَلِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمُخَالِفٌ لِلْمَعْهُودِ الْمُسْتَقِرِّ شَرْعًا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ وَهُوَ كَوْنُهُ بِفِعْلِ أَفْعَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَلَا تَرَى أَنَّ شَفْعَيْ التَّطَوُّعِ لَا يَتَدَاخَلَانِ إذَا أَحْرَمَ لَهُمَا بِتَحْرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؟ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِحَّةِ حَدِيثِ صُبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَلَى النَّصِّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَاَلَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَصْحِيحِهِ فِي أَدِلَّةِ الْقِرَانِ إنَّمَا نَصُّهُ عَنْ الصُّبَيّ قَالَ: أَهْلَلْت بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ الصُّبَيّ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: كُنْت رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْت، فَأَتَيْت رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ هُذَيْمُ بْن ثَرْمَلَةَ فَقُلْت: يَا هَنَاهُ إنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ وَإِنِّي وَجَدْت الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ فَكَيْفَ لِي بِأَنْ أَجْمَعَ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ لِي: اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْت فَلَمَّا أَتَيْت الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَأَنَا أُهِلُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015