فِي الشُّعَبِ نَحْوَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قَالَ: يُقَالُ الْأَرْضُ تَبْكِي عَلَى الْمُؤْمِنِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ مُرْسَلًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، أَلَا لَا غُرْبَةَ عَلَى مُؤْمِنٍ مَا مَاتَ مُؤْمِنٌ فِي غُرْبَةٍ غَابَتْ عَنْهُ فِيهَا بَوَاكِيهِ، إِلَّا بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ» . ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ثُمَّ قَالَ:
إِنَّهُمَا لَا يَبْكِيَانِ عَلَى كَافِرٍ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَابْنُ المنذر مِنْ طَرِيقِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ مُصَلَّاهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَمِصْعَدُ عَمَلِهِ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَلَا الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ الْأَرْضَ لَتَبْكِي عَلَى ابْنِ آدَمَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَسُبُّوا تُبَّعًا فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ» . وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ غيرهما من الصحابة والتابعين.
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (41) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42)
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (47)
ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52)
يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (53) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (56) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
قَوْلُهُ: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما أَيْ: بَيْنَ جِنْسَيِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لاعِبِينَ أَيْ: لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ. قَالَ مُقَاتِلٌ: لَمْ نَخْلُقْهُمَا عَابِثِينَ لِغَيْرِ شَيْءٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَاهِينَ، وَقِيلَ: غَافِلِينَ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَما بَيْنَهُما وَقَرَأَ عَمْرُو بن عبيد «وما بينهنّ» لأن السموات وَالْأَرْضَ جَمْعٌ، وَانْتِصَابُ لَاعِبِينَ عَلَى الْحَالِ مَا خَلَقْناهُما أَيْ: وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ أَيْ: إِلَّا بِالْأَمْرِ الْحَقِّ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِلَّا لِلْحَقِّ، وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَقِيلَ: إِلَّا لِإِقَامَةِ الْحَقِّ وَإِظْهَارِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ أَيْ: إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِي يُفْصَلُ فِيهِ الْحَقُّ عَنِ الْبَاطِلِ مِيقَاتُهُمْ، أَيِ: الْوَقْتُ الْمَجْعُولُ لِتَمْيِيزِ المحسن من المسيء وَالْمُحِقِّ مِنَ الْمُبْطِلِ، أَجْمَعِينَ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَى رَفْعِ مِيقَاتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ إِنَّ، وَاسْمَهَا: يوم الفصل.