بِذَلِكَ الْوُضُوءِ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ مُؤَدَّاةٍ أَوْ مَقْضِيَّةٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْوُضُوءَ مُتَعَلِّقٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ الْفَرِيضَةَ الْحَاضِرَةَ وَمَا شَاءَتْ مِنَ الْفَوَائِتِ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ وَعَلَى قَوْلِهِمُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ أَيْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ فَفِيهِ مَجَازُ الْحَذْفِ وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاة وَلَا يجب إِلَّا بِحَدَث آخَرَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِنِ اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ فَرْضٍ فَهُوَ أَحْوَطُ وَفِيهِ جَوَازًا اسْتِفْتَاءُ الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهَا وَمُشَافَهَتِهَا لِلرَّجُلِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ النِّسَاءِ وَجَوَازُ سَمَاعِ صَوْتِهَا لِلْحَاجَةِ وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَدِ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ الرَّازِيُّ الْحَنَفِيُّ أَنَّ مُدَّةَ أَقَلِّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَهُ عَشَرَةٌ لِقَوْلِهِ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ أَيَّامٌ ثَلَاثَةٌ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ فَأَمَّا دُونَ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّمَا يُقَالُ يَوْمَانِ وَيَوْمٌ وَأَمَّا فَوْقَ عَشَرَةٍ فَإِنَّمَا يُقَالُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَهَكَذَا إِلَى عِشْرِينَ وَفِي الِاسْتِدْلَال بذلك نظر قَوْلُهُ بَابُ غَسْلِ دَمِ الْمَحِيضِ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنَ التَّرْجَمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ وَهِي غسل الدَّم قد تَقَدَّمَ الْكَلَامُ هُنَاكَ عَلَى حَدِيثِ أَسْمَاءَ هَذَا أَخْرَجَهُ هُنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ وَإِسْنَادُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَالَّتِي قَبْلَهَا مَدَنِيُّونَ سِوَى شَيْخِهِ وَفِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا فِي الَّذِي قبله وَجَوَاز سُؤال الْمَرْأَة عَمَّا يستحيي مِنْ ذِكْرِهِ وَالْإِفْصَاحُ بِذِكْرِ مَا يُسْتَقْذَرُ لِلضَّرُورَةِ وَأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ كَغَيْرِهِ مِنَ الدِّمَاءِ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ فَرْكِ النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ لِيَهُونَ غَسْلُهَا

[308] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ هُوَ وَشَيْخُهُ وَشَيْخُ شَيْخِهِ الثَّلَاثَةُ مِصْرِيُّونَ وَالْبَاقُونَ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا مَدَنِيُّونَ قَوْلُهُ كَانَتْ إِحْدَانَا أَيْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُنَّ كُنَّ يَصْنَعْنَ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَذَا يَلْتَحِقُ هَذَا الْحَدِيثُ بِحُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ الَّذِي قبله قَالَ بن بَطَّالٍ حَدِيثُ عَائِشَةَ يُفَسِّرُ حَدِيثَ أَسْمَاءَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّضْحِ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ الْغَسْلُ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ فَإِنَّمَا فَعَلَتْ ذَلِك دفعا للوسوسة لِأَنَّهُ قد بَان فِي سِيَاقُ حَدِيثِهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ الدَّمَ لَا بَعْضَهُ وَفِي قَوْلِهَا ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى امْتِنَاعِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ قَوْلُهُ ثُمَّ تَقْتَرِصُ الدَّمَ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بِوَزْنِ تفتعل أَي تغسله بأطراف أصابعها وَقَالَ بن الْجَوْزِيّ مَعْنَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015