النِّيَّةُ فِيهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ بِغَسْلِهِ لِوُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ بَلْ لِيَتَقَلَّصَ فَيَبْطُلَ خُرُوجُهُ كَمَا فِي الضَّرْعِ إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ يَتَفَرَّقُ لَبَنُهُ إِلَى دَاخِلِ الضَّرْعِ فَيَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى نَجَاسَةِ الْمَذْيِ وَهُوَ ظَاهر وَخرج بن عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إِنَّ الْمَذْيَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَنِيِّ رِوَايَةً بِطَهَارَتِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَنِيًّا لَوَجَبَ الْغُسْلُ مِنْهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ بِهِ سَلَسُ الْمَذْيِ لِلْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مَعَ الْوَصْفِ بِصِيغَةِ الْمُبَالغَة الدَّالَّة على الْكَثْرَة وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْكَثْرَةَ هُنَا نَاشِئَةٌ عَنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ مَعَ صِحَّةِ الْجَسَدِ بِخِلَافِ صَاحِبِ السَّلَسِ فَإِنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ عِلَّةٍ فِي الْجَسَدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَمَرَ الشَّارِعُ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ فَدَلَّ عَلَى عُمُومِ الْحُكْمِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَعَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْخَبَرِ الْمَظْنُونِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَفِيهِمَا نَظَرٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ بِحَضْرَةِ عَلِيٍّ ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ فِي غَيْبَتِهِ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى الْمُدَّعَى لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْقَرَائِنِ الَّتِي تَحُفُّ الْخَبَرَ فَتُرَقِّيهِ عَنِ الظَّنِّ إِلَى الْقَطْعِ قَالَه القَاضِي عِيَاض وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْمُرَادُ بِالِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ كَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ أَنَّهُ صُورَةٌ مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي تَدُلُّ وَهِيَ كَثِيرَةٌ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِجُمْلَتِهَا لَا بِفَرْدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الِاسْتِفْتَاءِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ دَعْوَى الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ وَفِيهِ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ حُرْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرِهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْأَدَب فِي ترك المواجهة بِمَا يستحيي مِنْهُ عُرْفًا وَحُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الْأَصْهَارِ وَتَرْكُ ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِجِمَاعِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِ بِحَضْرَةِ أَقَارِبِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهِ فِي الْعِلْمِ لِمَنِ اسْتَحْيَى فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ اسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ التَّفْرِيط فِي معرفَة الحكم

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ)

تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ قَبْلَ بَابٍ وَمَوْضِعُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ قَوْلَهَا طَافَ فِي نِسَائِهِ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ وَمِنْ لَازِمِهِ الِاغْتِسَالُ وَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا طَيَّبَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ أَصْبَحَ مُحْرِمًا وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا وُقُوعُ رَدِّ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَلَى بَعْضٍ بِالدَّلِيلِ وَاطِّلَاعُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ وَخِدْمَةُ الزَّوْجَاتِ لِأَزْوَاجِهِنَّ وَالتَّطَيُّبُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَسَيَأْتِي فِي الْحَجِّ وَقَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ اتِّخَاذُ الطِّيبِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عِنْدَ الْجِمَاعِ

[271] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ هُوَ بن عتيبة وَهُوَ وَشَيْخُهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَشَيْخُهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ فُقَهَاءُ كُوفِيُّونَ تَابِعِيُّونَ قَوْلُهُ وَبِيصَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ صَادٌ مُهْمَلَةٌ هُوَ الْبَرِيقُ وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَبِيصُ الطِّيبِ تَلَأْلُؤُهُ وَذَلِكَ لِعَيْنٍ قَائِمَةٍ لَا لِلرِّيحِ فَقَطْ قَوْلُهُ مَفْرِقِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَدَلَالَةُ هَذَا الْمَتْنِ عَلَى التَّرْجَمَةِ إِمَّا لِكَوْنِهَا قِصَّةً وَاحِدَةً وَإِمَّا لِأَنَّ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ الْغُسْلَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُهُ وَفِيهِ أَنَّ بَقَاءَ الطِّيبِ عَلَى بَدَنِ الْمُحْرِمِ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ ابْتِدَائه بعد الْإِحْرَام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015