بِالتَّنْوِينِ مِنَ الْكَبَائِرِ أَيْ الَّتِي وُعِدَ مَنِ اجْتَنَبَهَا بِالْمَغْفِرَةِ
[216] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ بن أبي شيبَة وَجَرِير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَمُجاهد هُوَ بن جبر صَاحب بن عَبَّاسٍ وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنْهُ وَاشْتُهِرَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ لَكِنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِد فَأدْخل بَينه وَبَين بن عَبَّاسٍ طَاوُسًا كَمَا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ قَلِيلٍ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ يَقْتَضِي صِحَّتَهُمَا عِنْدَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُجَاهِدًا سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ عَن بن عَبَّاس ثمَّ سَمعه من بن عَبَّاسٍ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوِ الْعَكْسِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي سِيَاقِهِ عَنْ طَاوُسٍ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي رِوَايَته عَن بن عَبَّاس وَصرح بن حِبَّانَ بِصِحَّةِ الطَّرِيقَيْنِ مَعًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ قَوْلُهُ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ أَيْ بُسْتَانٍ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْحَائِطَ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ غَيْرُ الْحَائِطِ الَّذِي مَرَّ بِهِ وَفِي الْأَفْرَادِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الْحَائِطَ كَانَ لِأُمِّ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيَّةِ وَهُوَ يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَدَبِ لِجَزْمِهَا بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَالشَّكُّ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَكَّةَ مِنْ جَرِيرٍ قَوْلُهُ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قبورهما قَالَ بن مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ شَاهِدٌ عَلَى جَوَازِ إِفْرَادِ الْمُضَافِ الْمُثَنَّى إِذَا كَانَ جُزْءَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ نَحْوَ أَكَلْتُ رَأْسَ شَاتَيْنِ وَجمعه أَجود نَحْو فقد صغت قُلُوبكُمَا وَقَدِ اجْتَمَعَ التَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ ظَهْرَاهُمَا مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُضَافُ جُزْءَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ فَالْأَكْثَرُ مَجِيئُهُ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ فَإِنْ أُمِنَ اللَّبْسُ جَازَ جَعْلُ الْمُضَافِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَقَوْلُهُ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا شَاهِدٌ لِذَلِكَ قَوْلُهُ يُعَذَّبَانِ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ مَرَّ بقبرين زَاد بن مَاجَهْ جَدِيدَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَنْ يُقَالَ أَعَادَهُ عَلَى الْقَبْرَيْنِ مَجَازًا وَالْمُرَادُ مَنْ فِيهِمَا قَوْلُهُ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ بَلَى أَيْ إِنَّهُ لَكَبِيرٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ فَقَالَ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَاتِ رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَلَى الْأَعْمَشِ وَلم يُخرجهَا مُسلم وَاسْتدلَّ بن بَطَّالٍ بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَلَى أَنَّ التَّعْذِيبَ لَا يَخْتَصُّ بِالْكَبَائِرِ بَلْ قَدْ يَقَعُ عَلَى الصَّغَائِرِ قَالَ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ مِنَ الْبَوْلِ لَمْ يَرِدْ فِيهِ وَعِيدٌ يَعْنِي قَبْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَتُعُقِّبَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ وَرَدَ مِثْلُهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَلَفْظُهُ وَمَا يعذبان فِي كَبِير بلَى وَقَالَ بن مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ فِي كَبِيرٍ شَاهِدٌ عَلَى وُرُودِ فِي لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ قَالَ وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَى أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ مَعَ وُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ