(قَوْلُهُ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ)

أَيْ مُطْلَقًا وَإِنْ قُيِّدَتْ فِي الْحَدِيثِ بِالصَّالِحَةِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَا دُخُولَ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ وَأَمَّا مَا لَهُ فِيهِ دَخْلٌ فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ نِسْبَةً مَجَازِيَّةً مَعَ أَنَّ الْكُلَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَإِضَافَةَ الرُّؤْيَا إِلَى اللَّهِ لِلتَّشْرِيفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ وَظَاهِرُ

[6984] قَوْلِهِ الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنَّ الَّتِي تُضَافُ إِلَى اللَّهِ لَا يُقَالُ لَهَا حُلُمٌ وَالَّتِي تُضَافُ لِلشَّيْطَانِ لَا يُقَالُ لَهَا رُؤْيَا وَهُوَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ وَإِلَّا فَالْكل يُسَمَّى رُؤْيَا وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرُ الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ فَأَطْلَقَ عَلَى كُلٍّ رُؤْيَا وَسَيَأْتِي بَيَانه فِي بَاب الْقَيْد فِي الْمَنَام وَذكر فِيهِ حديثين الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَزُهَيْرٌ فِي السَّنَد هُوَ بن مُعَاوِيَةَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأنْصَارِيّ وَأَبُو سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الصَّالِحَةُ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ وَسَقَطَ الْوَصْفُ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْحُلْوَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِلَفْظِ الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ كَالتَّرْجَمَةِ وَكَذَا فِي الطِّبِّ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِثْلُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الصَّالِحَةُ زَادَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يُخْبِرُ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيَبْشُرْ وَلَا يُخْبِرْ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ وَقَوْلُهُ فَلْيَبْشُرْ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الْبُشْرَى وَقِيلَ بِنُونٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لِيُحَدِّثَ بِهَا وَزَعَمَ عِيَاضٌ أَنَّهَا تَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُسْلِمٍ فَلْيَسْتُرْ بِمُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاةٍ مِنَ السَّتْرِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَلَا يَقُصُّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْوُدِّ أَوْ ذِي رَأْيٍ وَفِي أُخْرَى وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا لَبِيبًا أَوْ حَبِيبًا وَفِي أُخْرَى وَلَا يَقُصَّ الرُّؤْيَا إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَمَّا الْعَالِمُ فَإِنَّهُ يُؤَوِّلُهَا لَهُ عَلَى الْخَيْرِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ وَأَمَّا النَّاصِحُ فَإِنَّهُ يُرْشِدُ إِلَى مَا يَنْفَعُهُ وَيُعِينُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا اللَّبِيبُ وَهُوَ الْعَارِفُ بِتَأْوِيلِهَا فَإِنَّهُ يُعْلِمُهُ بِمَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَوْ يَسْكُتُ وَأَمَّا الْحَبِيبُ فَإِنْ عَرَفَ خَيْرًا قَالَهُ وَإِنْ جَهِلَ أَوْ شَكَّ سَكَتَ قُلْتُ وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَإِنَّ اللَّبِيبَ عَبَّرَ بِهِ عَنِ الْعَالِمِ وَالْحَبِيبَ عَبَّرَ بِهِ مِنَ النَّاصِحِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ

[6985] فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا قَوْلُهُ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ كَذَا اخْتَصَرَهُ وَسَيَأْتِي ضَبْطُ الْحُلْمِ وَمَعْنَاهُ فِي بَابِ الْحُلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الطَّرِيقِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فَزَادَ فَإِذَا رأى أحدكُم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015