أَنْ يُعْطَى الْإِمَارَةَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا أَرَبٌ فَيَمْتَنِعُ فَيَلْزَمُ فَيَحْلِفُ فَأُمِرَ أَنْ يَنْظُرَ ثُمَّ يَفْعَلَ الَّذِي هُوَ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ فِي الْجَانِبِ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ فَيَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ وَيَأْتِي مِثْلَهُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ قَوْلُهُ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا أَيْ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ الْكَلَامِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْيَمِينِ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْيَمِينِ بِمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ بَلْ بِمَعْنَاهَا الْمَجَازِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ هُنَا الِاعْتِقَادِيَّةُ لَا الْبَصَرِيَّةُ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ إِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْفِعْلَ أَوِ التَّرْكَ خَيْرٌ لَهُ فِي دُنْيَاهُ أَوْ آخِرَتِهِ أَوْ أَوْفَقُ لِمُرَادِهِ وَشَهْوَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَرَأَى غَيْرَهَا أَتْقَى لِلَّهِ فَلْيَأْتِ التَّقْوَى وَهُوَ يُشْعِرُ بِقَصْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ طَاعَةٌ وَيَنْقَسِمُ الْمَأْمُورُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ إِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِعْلًا فَكَانَ التَّرْكُ أَوْلَى أَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ تَرْكًا فَكَانَ الْفِعْلُ أَوْلَى أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِعْلًا وَتَرْكًا لَكِنْ يَدْخُلُ الْقِسْمَانِ الْأَخِيرَانِ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ فِعْلِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ تَرْكِهِ تَرْكَ الْآخَرِ أَوْ فِعْلَهُ قَوْلُهُ فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ هَكَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكَثِيرِ مِنْهُمْ فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلُ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَدَعْهَا وَلِيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَإِنَّ كَفَّارَتَهَا تَرْكُهَا فَأَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى ضَعْفِهِ وَقَالَ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ إِلَّا شَيْئًا لَا يُعْبَأُ بِهِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ حَلَفَ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ وَيَحْيَى ضَعِيفٌ جِدًّا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يُوهِمُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِلَفْظِ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيَتْرُكْ يَمِينَهُ هَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَفَّارَةَ وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَمَدَارُهُ فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرِيفَةَ عَنْ عَدِيٍّ وَالَّذِي زَادَ ذَلِكَ حَافِظٌ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَمْرِ بِالْكَفَّارَةِ مَعَ تَعَمُّدِ الْحِنْثِ دَلَالَةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ لِأَنَّهَا يَمِينٌ حَانِثَةٌ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ أَيِّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ أَوْلَى مِنَ الْمُضِيِّ فِي حَلِفِهِ أَوِ الْحِنْثُ وَالْكَفَّارَةُ وَانْفَصَلَ عَنْهُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدَبِ بِمَا مَضَى فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ فَقَالَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْحِنْثِ وَالْكَفَّارَةِ مَعَ أَنَّ حَلِفَهُ عَلَى تَرْكِ الزِّيَادَةِ مَرْجُوحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى فِعْلِهَا خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْمُلْحَقَةِ بِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ وَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى مِائَةٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْخَالِصُ اثْنَا عَشَرَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَحَدِيثِهَا مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيع الله فليطعه وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي إِسْرَائِيلَ وَحَدِيثِهِ أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْيَمين الْغمُوس وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي نَذْرٍ وَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَشَرَةُ آثَار وَالله الْمُسْتَعَان