أَمَانَةُ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَأَرَادَ الْيَمِينَ أَنَّهُ يَمِين والا فَلَا وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ خَاصٌّ بِالْأَيْمَانِ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُونَ بهَا تَعْظِيمًا لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَالْآبَاءِ فَهَذِهِ يَأْثَمُ الْحَالِفُ بِهَا وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَأَمَّا مَا كَانَ يَؤُولُ إِلَى تَعْظِيمِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ وَحَقِّ النَّبِيِّ وَالْإِسْلَامِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْهَدْيِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُرَادُ بِهِ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَالْقُرْبَةُ إِلَيْهِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ لَقِينَاهُ وَاحْتَجُّوا بِمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنْ إِيجَابِهِمْ عَلَى الْحَالِفِ بِالْعِتْقِ وَالْهَدْيِ وَالصَّدَقَةِ مَا أَوْجَبُوهُ مَعَ كَوْنِهِمْ رَأَوُا النَّهْيَ الْمَذْكُورَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ إِذْ لَوْ كَانَ عَامًّا لَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَلم يوجبوا فِيهِ شَيْئا انْتهى وَتعقبه بن عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ كَانَتْ بِصُورَةِ الْحَلِفِ فَلَيْسَتْ يَمِينًا فِي الْحَقِيقَةِ وانما خرج على الِاتِّسَاعِ وَلَا يَمِينَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ كَانَتِ الْعَرَبُ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا وَآلِهَتِهَا فَأَرَادَ اللَّهُ نَسْخَ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِيُنْسِيَهُمْ ذِكْرَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ وَيَبْقَى ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ الْحَقُّ الْمَعْبُودُ فَلَا يَكُونُ الْيَمِينُ إِلَّا بِهِ وَالْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ فِي حُكْمِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي حَدِيثِ عُمَرَ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ إِنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِاللَّهِ وَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ أَوْ آدَمَ أَوْ جِبْرِيلَ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَزِمَهُ الِاسْتِغْفَارُ لاقدامه على مانهي عَنْهُ وَلَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْقَسَمِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَات فَقَالَ الشّعبِيّ الْخَالِق يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْمَخْلُوقُ لَا يُقْسِمُ إِلَّا بِالْخَالِقِ قَالَ وَلَأَنْ أُقْسِمَ بِاللَّهِ فَأَحْنَثَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْسِمَ بِغَيْرِهِ فأبر وَجَاء مثله عَن بن عَبَّاس وبن مَسْعُود وبن عُمَرَ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِيُعْجِبَ بِهَا الْمَخْلُوقِينَ وَيُعَرِّفَهُمْ قُدْرَتَهُ لِعِظَمِ شَأْنِهَا عِنْدَهُمْ وَلِدَلَالَتِهَا عَلَى خَالِقِهَا وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى آخَرَ فِي حَقٍّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لَهُ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَوْ حَلَفَ لَهُ بِغَيْرِهِ وَقَالَ نَوَيْتُ رَبَّ الْمَحْلُوفِ بِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِك يَمِينا وَقَالَ بن هُبَيْرَةَ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ بِاللَّهِ وَبِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَبِجَمِيعِ صِفَاتِ ذَاتِهِ كَعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ وَعِلْمِهِ وَقُوَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ عِلْمَ اللَّهِ فَلَمْ يَرَهُ يَمِينًا وَكَذَا حَقَّ اللَّهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْلَفُ بِمُعَظَّمٍ غَيْرِ اللَّهِ كَالنَّبِيِّ وَانْفَرَدَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ فَقَالَ تَنْعَقِدُ وَقَالَ عِيَاضٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْحَلِفَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ لَازِمٌ إِلَّا مَا جَاءَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْيَمِينِ فِي الْحَلِفِ بِالصِّفَاتِ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ وَتُعُقِّبَ إِطْلَاقُهُ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ عِنْدَهُ مَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ وَأَمَّا مَا لَا يُطْلَقُ فِي مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ شَرْعًا إِلَّا عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إِذَا حَنِثَ كَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَخَالِقِ الْخَلْقِ وَرَازِقِ كُلِّ حَيٍّ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَفَالِقِ الْحَبِّ وَبَارِئِ النَّسَمَةِ وَهَذَا فِي حُكْمِ الصَّرِيحِ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ وَفِي وَجْهٍ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الصَّرِيحَ اللَّهُ فَقَطْ وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ قَصَدْتُ غَيْرَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُهُ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ تَفْصِيلٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ فِي بَابِ الْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ التَّعْمِيمُ وَعَنْ أَشْهَبَ التَّفْصِيلُ فِي مِثْلِ وَعِزَّةِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ الَّتِي جَعَلَهَا بَيْنَ عِبَادِهِ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَطَّرِدَ فِي كُلِّ مَا يَصِحُّ إِطْلَاقه عَلَيْهِ وعَلى غَيره وَقَالَ بِهِ بن سَحْنُونٍ مِنْهُمْ فِي عِزَّةِ اللَّهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ لَا تَنْعَقِدُ وَاسْتَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ ثُمَّ أَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إِذَا أَرَادَ جِسْمَ الْمُصْحَفِ وَالتَّعْمِيمُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ الْمَعْلُومَ وَالْمَقْدُورَ انْعَقَدَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن عجلَان عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ أَخْرَجَهَا بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015