وَأَمَّا عِنْدَ الِاحْتِضَارِ وَالْمُعَايَنَةِ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَفِيهِ أَنَّ فِي كَرَاهَةِ الْمَوْتِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ تَفْصِيلًا فَمَنْ كَرِهَهُ إِيثَارًا لِلْحَيَاةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ كَانَ مَذْمُومًا وَمَنْ كَرِهَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْضِيَ إِلَى الْمُؤَاخَذَةِ كَأَنْ يَكُونَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَعِدَّ لَهُ بِالْأُهْبَةِ بِأَنْ يَتَخَلَّصَ مِنَ التَّبَعَاتِ وَيَقُومَ بِأَمْرِ اللَّهِ كَمَا يَجِبُ فَهُوَ مَعْذُورٌ لَكِنْ يَنْبَغِي لِمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى أَخْذِ الْأُهْبَةِ حَتَّى إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ لَا يَكْرَهُهُ بَلْ يُحِبُّهُ لِمَا يَرْجُو بَعْدَهُ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرَاهُ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ مِنَ الْأَحْيَاءِ وَإِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَوْتُ دُونَ لِقَاءِ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللِّقَاءَ أَعَمُّ مِنَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا انْتَفَى اللِّقَاءُ انْتَفَتِ الرُّؤْيَةُ وَقَدْ وَرَدَ بِأَصْرَحَ مِنْ هَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَفِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي مُوسَى مِثْلُ حَدِيثِ عُبَادَةَ دُونَ قَوْلِهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِلَخْ وَكَأَنَّهُ أَوْرَدَهُ اسْتِظْهَارًا لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَبَرِيدٌ بموحدة ثمَّ مُهْملَة هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[6509] قَوْلُهُ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَذَا فِي رِوَايَةِ عَقِيلٍ وَمَضَى فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ أَحَدًا وَمِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي رِجَالِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَذْكُرْ عُرْوَةَ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ تَسْمِيَةَ بَعْضِ مَنْ أُبْهِمَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ شُيُوخِ الزُّهْرِيِّ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ اخْتِيَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِقَاءِ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ خُيِّرَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ فَاخْتَارَ الْمَوْتَ فَيَنْبَغِي الِاسْتِنَانُ بِهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ لَمَّا أَتَاهُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ هَلْ رَأَيْتَ خَلِيلًا يُمِيتُ خَلِيلَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ قُلْ لَهُ هَلْ رَأَيْتَ خَلِيلًا يَكْرَهُ لِقَاءَ خَلِيلِهِ فَقَالَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ الْآنَ فَاقْبِضْ وَوَجَدْتُ فِي الْمُبْتَدَأِ لِأَبِي حُذَيْفَةَ إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ الْبُخَارِيِّ أَحَدِ الضُّعَفَاءِ بِسَنَدٍ لَهُ عَن بن عُمَرَ قَالَ قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ إِبْرَاهِيمَ جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ فَقَالَ قُلْ لَهُ الْخَلِيلُ إِذَا طَالَ بِهِ الْعَهْدُ مِنْ خَلِيلِهِ اشْتَاقَ إِلَيْهِ فَبَلَّغَهُ فَقَالَ نَعَمْ يَا رَبِّ قَدِ اشْتَقْتُ إِلَى لِقَائِكَ فَأَعْطَاهُ رَيْحَانَة فشمها فَقبض فِيهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015