أَوْ ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ رُكُوبِ اثْنَيْنِ عَلَى حِمَارٍ وَفِيهِ تَوَاضُعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَضْلُ مُعَاذٍ وَحُسْنُ أَدَبِهِ فِي الْقَوْلِ وَفِي الْعِلْمِ بِرَدِّهِ لِمَا لَمْ يُحِطْ بِحَقِيقَتِهِ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقُرْبِ مَنْزِلَتِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ تَكْرَارُ الْكَلَامِ لِتَأْكِيدِهِ وَتَفْهِيمِهِ وَاسْتِفْسَارُ الشَّيْخِ تِلْمِيذَهُ عَنِ الْحُكْمِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُ وَيُبَيِّنَ لَهُ مَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَقَالَ بن رَجَبٍ فِي شَرْحِهِ لِأَوَائِلِ الْبُخَارِيِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُؤْخَذُ مِنْ مَنْعِ مُعَاذٍ مِنْ تَبْشِيرِ النَّاسِ لِئَلَّا يتكلوا ان أَحَادِيث الرُّخص لاتشاع فِي عُمُومِ النَّاسِ لِئَلَّا يَقْصُرَ فَهْمُهُمْ عَنِ الْمُرَادِ بِهَا وَقَدْ سَمِعَهَا مُعَاذٌ فَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا اجْتِهَادًا فِي الْعَمَلِ وَخَشْيَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَنْزِلَتَهُ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُقَصِّرَ اتِّكَالًا عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ وَقَدْ عَارَضَهُ مَا تَوَاتَرَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ بَعْضَ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ فَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَقَدْ سَلَكُوا فِي ذَلِكَ مَسَالِكَ أَحَدُهَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ إِنَّ هَذِهِ الرُّخْصَةَ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالْحُدُودِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ فِي الْوُضُوءِ وَاسْتَبْعَدَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ النَّسْخَ لَا يَدْخُلُ الْخَبَرَ وَبِأَنَّ سَمَاعَ مُعَاذٍ لِهَذِهِ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ أَكْثَرِ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَقِيلَ لَا نَسْخَ بَلْ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرَائِطَ كَمَا تُرَتَّبُ الْأَحْكَامُ عَلَى أَسْبَابِهَا الْمُقْتَضِيَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ فَإِذَا تَكَامَلَ ذَلِكَ عَمِلَ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ فِي شَرْحِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لَيْسَ مِنْ مِفْتَاحٍ إِلَّا وَلَهُ أَسْنَانٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ تَرْكُ دُخُولِ نَارِ الشِّرْكِ وَقِيلَ تَرْكُ تَعْذِيبِ جَمِيعِ بَدَنِ الْمُوَحِّدِينَ لِأَنَّ النَّارَ لَا تَحْرِقُ مَوَاضِعَ السُّجُودِ وَقِيلَ لَيْسَ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ وَحَّدَ وَعَبَدَ بَلْ يَخْتَصُّ بِمَنْ أَخْلَصَ وَالْإِخْلَاصُ يَقْتَضِي تَحْقِيقَ الْقَلْبِ بِمَعْنَاهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُ التَّحْقِيقِ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لِامْتِلَاءِ الْقَلْبِ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَشْيَتِهِ فَتَنْبَعِثُ الْجَوَارِحُ إِلَى الطَّاعَةِ وَتَنْكَفُّ عَنِ الْمَعْصِيَةِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَفِي آخِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ مُعَاذٍ فِي نَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقُلْتُ أَلَا أُخْبِرُ النَّاسَ قَالَ لَا لِئَلَّا يَتَّكِلُوا فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ تَنْبِيهٌ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ عَنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ بِسَنَدٍ وَاحِدٍ وَهِيَ قَلِيلَةٌ فِي كِتَابِهِ جِدًّا وَلَكِنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهِ فِي الِاسْتِئْذَانِ مُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ وَقَدْ تَتَبَّعَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ مَا أَخْرَجَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ بِسَنَدٍ فَبَلَغَ عِدَّتُهَا زِيَادَةً عَلَى الْعِشْرِينَ وَفِي بَعْضِهَا يَتَصَرَّفُ فِي الْمَتْنِ بالاختصار مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015