وَآخِرُهُ بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ هِيَ الْعُودُ الَّذِي يُجْعَلُ خَلْفَ الرَّاكِبِ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي شِدَّةِ قُرْبِهِ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ أَنَّهُ ضَبَطَ مَا رَوَاهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٌ عَنْ هَدَّابِ بْنِ خَالِدٍ وَهُوَ هُدْبَةُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِسَنَدِهِ هَذَا مُؤْخَرَةُ بَدَلَ آخِرَةُ وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مُعَاذٍ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي الْجِهَادِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنَمٍ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ يَعْفُورٌ رَسَنُهُ مِنْ لِيفٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِآخِرَةِ الرَّحْلِ مَوْضِعُ آخِرَةِ الرَّحْلِ لِلتَّصْرِيحِ هُنَا بِكَوْنِهِ كَانَ عَلَى حمَار وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ النَّوَوِيّ وَمَشى بن الصَّلَاحِ عَلَى أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَوَّامِ عِنْدَ أَحْمَدَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ وَلَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ فَقَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَوْلُهُ رَسُولَ اللَّهِ بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ وَحَرْفُ النِّدَاءِ مَحْذُوفٌ وَوَقَعَ فِي الْعِلْمِ بِإِثْبَاتِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْعِلْمِ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ يَا مُعَاذُ لَمْ يَقَعِ النِّدَاءُ الثَّانِي عَلَى الْفَوْرِ بَلْ بَعْدَ سَاعَةٍ قَوْلُهُ فَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي الْعِلْمِ قَوْلُهُ قَالَ هَلْ تَدْرِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَسَعْدَيْكَ الثَّانِيَةِ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرِي وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَمَّامٍ الْمَاضِيَةِ فِي الِاسْتِئْذَانِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ ثَلَاثًا أَيِ النِّدَاءَ وَالْإِجَابَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي الْعِلْمِ وَهُوَ لِتَأْكِيدِ الِاهْتِمَامِ بِمَا يُخْبِرُهُ بِهِ وَيُبَالِغُ فِي تَفَهُّمِهِ وَضَبْطِهِ قَوْلُهُ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الْحَقُّ كُلُّ مَوْجُودٍ مُتَحَقِّقٍ أَوْ مَا سَيُوجَدُ لَا مَحَالَةَ وَيُقَالُ لِلْكَلَامِ الصِّدْقِ حَقٌّ لِأَنَّ وُقُوعه مُتَحَقق لاتردد فِيهِ وَكَذَا الْحَقُّ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْغَيْرِ إِذَا كَانَ لَا تَرَدُّدَ فِيهِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مِمَّا جَعَلَهُ مُحَتَّمًا عَلَيْهِم قَالَه بن التَّيْمِيِّ فِي التَّحْرِيرِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ هُوَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ وَأَلْزَمَهُمْ إِيَّاهُ بِخِطَابِهِ قَوْلُهُ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ عَمَلُ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابُ الْمَعَاصِي وَعَطَفَ عَلَيْهَا عَدَمَ الشِّرْكِ لِأَنَّهُ تَمَامُ التَّوْحِيدِ وَالْحِكْمَةُ فِي عَطْفِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ أَنَّ بَعْضَ الْكَفَرَةِ كَانُوا يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى فَاشْتَرَطَ نَفْيَ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجُمْلَةَ حَالِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ يَعْبُدُونَهُ فِي حَالِ عَدَمِ الْإِشْرَاكِ بِهِ قَالَ بن حِبَّانَ عِبَادَةُ اللَّهِ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْجَوَابِ فَمَا حَقُّ الْعِبَادِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْقَوْلِ قَوْلُهُ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ الضَّمِيرُ لَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ قَوْلُهُ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يعذبهم فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا يُعَذِّبَهُمْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ يُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَوَّامِ مِثْلُهُ وَزَادَ وَيَغْفِرَ لَهُمْ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ أَنْ يُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ فَحُقَّ ذَلِكَ وَوَجَبَ بِحُكْمِ وَعْدِهِ الصِّدْقِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ فِي الْخَبَرِ وَلَا الْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِحُكْمِ الْأَمْرِ إِذْ لَا آمِرَ فَوْقَهُ وَلَا حُكْمَ لِلْعَقْلِ لِأَنَّهُ كَاشِفٌ لَا مُوجِبٌ انْتَهَى وَتَمَسَّكَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ بِظَاهِرِهِ وَلَا مُتَمَسَّكَ لَهُمْ فِيهِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ عِدَّةُ أَجْوِبَةٍ غَيْرُ هَذِهِ وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ هُنَا الْمُتَحَقِّقُ الثَّابِتُ أَوِ الْجَدِيرُ لِأَنَّ إِحْسَانَ الرَّبِّ لِمَنْ لَمْ يَتَّخِذْ رَبًّا سِوَاهُ جَدِيرٌ فِي الْحِكْمَةِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُ أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَالْوَاجِبِ فِي تحَققه وتأكده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015